فاتن دعبول:
ليست حكاية اليوم كأي حكاية، فهي تبدأ منذ الأزل وما تزال تتشعب في تفاصيلها، وتكبر في معانيها، وتحلق في أرجاء الوطن الذي عانى ما عاناه من أطماع وإرهاب وفنون لا تعدّ من الحروب والصراعات.
ولكن رغم هذه التحديات جميعها، يزهر الربيع ويعود السلام لأرجاء الوطن بتضحيات أبنائه وصمودهم ووقوفهم كالطود العظيم في وجه الطغاة والطامعين.
فعندما يزهر الربيع وتنمو شقائق النعمان، ندرك بأن الشهيد هو من منحها بعضا منه، لتحكي قصة تضحيات كرمى حرية الوطن وعزته وكرامته.
ولا أظن الكلمات مهما ارتقت في بلاغتها قادرة على إعطاء الشهيد حقه، ونحن اليوم إذ نحتفل بعيدهم ونستعيد ذكراهم، نحن فقط نحاول أن نعبر عن وفائنا لهم ونرد بعض الجميل في ترسيخ معنى الشهادة والانتماء للوطن في نفوس الأجيال، وأن هذه الأوطان صيغت بأرواحهم ورويت بدمائهم وتزهر في كل يوم نصراً جديداً، فمن الوفاء أن نمجد تضحياتهم وأن نعمل جاهدين للحفاظ على ثمرة تضحياتهم ونكون ورثة المجد والعزة، نبني صروح الوطن ونعيد للحياة بهاءها بسواعدنا المتماسكة وقلوبنا المفعمة بالانتماء لكل ذرة تراب في بلادنا.
وفي عودة لسفر الشهداء الذي لاتزال صفحاته ندية نجد قوافل جديدة تسكن بين دفتيه آثرت الشهادة والتضحية ليحيا الوطن، ولنا فيهم الأسوة التي نهتدي بتضحياتها ونسير على خطاها حتى يتحقق النصر الكبير.
وصدق من قال” وطن برائحة الشهداء، فكيف لا يغار منه الياسمين ”
كل عام وشهداؤنا أكاليل غار والنصر تاج يتربع على عرش وطن المحبة والتضحية والخلود.