إن الخراب يفوق كل ما شهده سكان غزة على الإطلاق، فقد أدى الهجوم الجوي والبحري والبري المستمر -حسب تقديرات الأمم المتحدة- إلى إتلاف أو تدمير آلاف المباني وعشرات المستشفيات والبنية التحتية الحياتية في غزة.. إنها حرب مفزعة مع توثيق عشرات المقابر الجماعية أو العشوائية أو المؤقتة في القطاع، والتي دفنت فيها مئات جثث الفلسطينيين.. تظهر بعضها جثثاً مقطوعة الرأس أو الأطراف، وقيل إنها تمت سرقة أعضائها من قبل القوات الإسرائيلية.
التقدير الدقيق للدمار في قطاع غزة يشكل مهمة صعبة بسبب تواصل الحرب.. وعندما تم تفجير تلك المباني- والتي لا يمكن إحصاء عددها الإجمالي- تحولت الخرسانة والمواد العازلة والمتفجرات من الصواريخ وغيرها من المواد إلى غبار سام، مما يهدد صحة سكانه على المدى الطويل أيضاً، ناهيك عن بقايا الصواريخ والقذائف.
حسب الأمم المتحدة فإن إزالة كمية الركام الهائلة التي تشمل ذخائر لم تنفجر خلفتها الحرب الإسرائيلية المدمرة في قطاع غزة، قد تستغرق نحو 14 عاماً.. فالحملة العسكرية الإسرائيلية أدت إلى تحويل جزء كبير من القطاع الساحلي الضيق، الذي يبلغ عدد سكانه 2.3 مليون نسمة، إلى ركام، وأصبح معظم المدنيين بلا مأوى ويعانون الجوع وخطر الإصابة بالأمراض.
مع التصعيد الحالي واليومي والمستمر وأوامر إخلاء جديدة نحو وسط المدينة.. فإن مئات الآلاف فروا من رفح بحثاً عن الأمان، مع اشتداد القصف الإسرائيلي، وذلك حسب ما أوردته وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، والتحذيرات الأممية حسب أمينها العام مع التخوف من وصول الوضع في رفح إلى الهاوية.
“إسرائيل” لا تأبه بكل الأصوات التي علت ضد عدوانها على القطاع وضربت بعرض الحائط جميع التحذيرات، وقامت بتوسيع عدوانها.. وسط فشل دولي مخجل في إلزامها بالامتثال لقواعد القانون الدولي الإنساني وأوامر محكمة العدل الدولية.. فقطاع غزة أصبح فعلياً غير قابل للحياة نتيجة حجم التدمير الهائل الذي نفذه الجيش الإسرائيلي في المنازل والبنى التحتية.. قد تحرك مناظر الهدم والقتل في نفوس العالم شيئاً.

السابق