في أوقات كثيرة، نكون ضحايا التصفّح العشوائي لمواقع التواصل، لنصل إلى نتائج غير عشوائية أبداً بمتابعة سيل من روابط مرئية لأشخاصٍ يتقنون فن “التحدّث” ونقل الأفكار.. وهؤلاء تحديداً لديهم غزارة في إنتاج أفكار قابلة للسرد على مسامع (الآخر).. وكلهم من تصنيف (لايف كوتش).
لربما لفت انتباهك ما ورد في تعريف اختصاص (مدرب حياة، Life coach) بقولهم: “الشخص الذي يساعد الآخرين في تمكينهم من تحقيق (الذات)”.. يساعد في تحقيق (الذات)..؟!
سيتحوّل لفت الانتباه إلى حالة تسعى لإدهاشك بسبب تطور البعض من هذه المرتبة إلى مرتبة تبدو أرقى وأعلى.. تتمثّل بتوصيف (عالِم حياة)..
لم يكتفوا بكونهم مدربي حياة.. بل أصبحوا علماء بها..!
لتجد نفسك أمام تساؤلات لا تهدأ.. فهل يوجد فعلاً، من هو عالِم بالحياة بكل اتساع وتنوع اختصاصاتها..؟
من يصل إلى هذه الدرجة مهما كان تحصيله العلمي، ومهما نمت خبراته الحياتية وبلغت مهاراته في فن التأثير بالآخر..؟
يبدو أن بدع “منصات التواصل الاجتماعي” في تكاثر مطّرد في عالمنا العربي بما يخص ذوي خطابات التنمية البشرية.
الكاتب والفيلسوف البريطاني “آلان دو بوتون”، وعلى الرغم من توصيفه بفيلسوف الحياة اليومية وإنشائه سلسلة (مدرسة الحياة)، لا يحبّذ خطاب التنمية البشرية السائد، وفي إحدى مقابلاته يتحدث عن كون كتب التنمية الذاتية وتطوير الذات لها تأثير سلبي أفسد حياتنا.
ثمة الكثير من الكتّاب الغربيين الذين ألّفوا كتباً تساعد في تحسين طرائق العيش، وعلى الرغم من إنجازاتهم ومساحة تأثيرهم الواسعة، بقيت توصيفاتهم ضمن اختصاصات: كاتب، أو عالم اجتماع كما “فريدريك لونوار”، أو فيلسوف كما “آلان دو بوتون”.. لم يُكتب في قائمة التعريف الخاصة بأي منهم عبارة “عالِم حياة”.