الثورة – عمار النعمة:
لاشك أن فلسطين هي أرض المبدعين والمناضلين عبر التاريخ، فأسماء كثيرة كانت ولاتزال تبرح في ذاكرتنا.. نردد أشعارها ونستذكر بطولاتها التي لم ولن تنسى.
اليوم ونحن نشاهد وحشية العدو الاسرائيلي من قتل ودمار في غزة تمر أمامنا ذكرى وفاة الشاعر الفلسطيني يوسف الخطيب المولود في فلسطين عام 1931 قرية “دورا” التي تلاصق مدينة الخليل من جنوبها الغربي.
وهو الحاصل على إجازة في الحقوق من جامعة دمشق عام 1955، عمل مدة طويلة في عدد من الإذاعات العربية، وشغل منصب المدير العام لهيئة الإذاعة والتلفزيون في سورية عام 1965، وانتخب نائبا للأمين العام لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين.
أسس عام 1965 دار فلسطين للإعلام وهو عضو المجلس الوطني الفلسطيني وعضو جمعية الشعر.
عاش طفولته المبكرة مع بدايات الثورة الفلسطينية الكبرى، والإضراب الكبير عام1937، وكانت هذه هي نقطة الانطلاق التي تزخر بمفاجآت كبيرة نتيجة الهجمة الصهيونية التي تمّت في ظلّ الاحتلال البريطاني لفلسطين، ومعاهدة “سايكس بيكو” .
انتقل يوسف الخطيب في تدرّجه التعليمي من الكتاتيب في قريته والقرى المجاورة نحو التعليم الابتدائي بعد أن حفظ الحروف الهجائية ومبادئ الحساب وجزأين من القرآن الكريم .
استمر الشاعر في مدرسته يعيش حياته الطبيعيّة، رغم الأحداث السياسية التي كانت تهزّ فلسطين، وبعد تخرجه من الجامعة أصدر عدة مجموعات شعرية تتحدث عن الأمل والثورة والعودة والتحرير، ونشر الكثير من قصائده على صفحات مجلة “الآداب” البيروتية الشهيرة وغيرها من المجلات والصحف العربيّة. وفازت قصيدته “العيون الظِّماء للنور” بالجائزة الأولى في مسابقة مجلة “الآداب” التي نُظِّمت على مستوى الوطن العربي آنذاك.
كيف لا وهو الذي سمّى نفسه “بمجنون فلسطين” لأنه رأى أن فلسطين جديرة بالعشق حتى الجنون، وجديرة بالإيمان بتحقيق العودة والتحرير.
كان حضوره راسخاً في الأوساط الأدبية الفلسطينية والعربية رغم أن الشعر في ذلك الوقت كان يشهد شخصيات كبيرة وتحولات أكبر، بين الكلاسيكي والتفعيلة والحر والحديث، فكان شعره خليطاً متناغماً الكلاسيكي والحديث.
من أشهر قصائده القصيدة التي جاءت بعنوان: رأيت الله في غزّة، وقصيدة: دمشق أهلي والهوا بغداد .
فقد قال : حَليبُكِ في دَمِ الشهداءِ ساقيةٌ
تهيمُ على جهات الأرضِ
ثم تَصُبُّ في بحرِكْ
حَليبُكِ خمرُ داليةٍ
يَعُبُّ كؤوسَها الندمانُ
ثم يكون من دمهم طِلى ثغركْ
حَليبُكِ غيمةٌ بيضاءُ
تشربُ منكِ لونَ الجرحِ
ثم تغوصُ في صدرِكْ
وليلةَ أن بَرَحتُكِ
ضِعتُ في الأحقافِ
أشردُ عنكِ في إثْرِكْ
وَعَدْتُكِ عند بستانِ القيامةِ
أَسرجي فرسَ الصباحِ
وَجَنِّحي الدنيا على قبرِكْ
هَبيِ أَنَّ النجومَ توارت الليلهْ
فتلك تُضيءُ فيكِ بنادقُ الثوارْ
هَبِي أَنْ شَحَّ منكِ الزيتُ في الشعله
فتلك صُدورهم دَفَقَت نبيذَ النارْ
يوسف الخطيب رجل وطني، ولغةٌ شعرية معجونة بالدم والزيتون، ومضمخة بهالة القداسة المتصلة بالشهادة، والشهداء والقدس.
هو فارس حقيقي في ساحات النضال والشعر، كان ينادي بأعلى صوته ليرى دروب الحرية وتحرير الأرض من رجس العدو وإعادة الكرامة إلى الأمة.
تزوج من بهاء الريس بنت منير الريس- رئيس بلدية غزة وشقيقة المناضل والأديب الراحل ناهض الريس وأنجب (بادي – باسل – وضاح – أسيل – هديل – تليد- أندا).
من إصداراته الشعرية:
العيون الظمأى للنور – عام 1955
عائدون- 1958
واحة الجحيم- 1962
ديوان الوطن المحتل- 1965 وهو دراسة أدبية للحركة الشعرية في فلسطين.
مذبحة كفر قاسم 1972.
مجنون فلسطين– 1983
ولقد وافت الشاعر المنيّة الخميس ١٦ / ٦ / ٢٠١١.