نتنياهو يتراقص على نيران التصعيد، ويقرع طبول الحرب أمام آذان جبهته الداخلية، وعلى بوابة البيت الأبيض، و يصرخ للإعلام ها أنا ذا قادم، غاز جديد للجنوب اللبناني، ونيرون آخر لحرق بيروت.. يصرخ نتنياهو ملء الصوت ولكن ليس لأنه قرر الحرب بل لأنه قرر البقاء على قيد تأجيل انتخاباته في داخل الكيان، ربما خمس سنوات قادمة محاولاً ركل موعد انتخابات السنة المقبلة إلى داخل محرقة الحرب والتصعيد.
وبحجة أنه متزعم الورطة الإسرائيلية في غزة فلا مجال لاستبداله في هذه اللحظات الحاسمة التي سيحولها إلى سنوات بفعل ساحر البيت الأبيض القادم بعد الانتخابات الأميركية أيضا، فأهداف نتنياهو لم تكن يوماً تفكيك المقاومة في فلسطين المحتلة وهو العارف أنه لن يبلغ هذا السقف من المطالب، وهو الأدرى بأن الطفل يولد مقاوماً في فلسطين، وإن الأجيال الفلسطينية التي راهن الاحتلال بأنها ستنسى فاجأت العالم بأنها تتوق للتحرر وطرد المحتل أكثر وتشعل اليوم نيران المقاومة في كل جبال فلسطين..
يعرف نتنياهو أنه غير قادر على انتزاع المقاومة من صدر فلسطين بعد أن مشت على درب الجلجلة أكثر من سبعين عاماً وتنتظر القيامة والخلاص من المحتل، ولكنه أي نتنياهو يحاول أن ينقذ نفسه من الإعدام السياسي إن هو نزل عن شجرة الحرب، فيهرب إلى التصعيد حتى لو كلفه ذلك أن يدعس على رأس بايدن.
فالرئيس الأميركي بحاجة ماسة إلى الهدوء وتحقيق وقف إطلاق النار في غزة ما قبل الانتخابات الرئاسية في أميركا، وإلا أطاح به ترامب وصعد الفيل الجمهوري مجدداً ساحقاً حمار بايدن الديمقراطي، وهذا ما يريده نتنياهو بالتحديد.
فوقف إطلاق النار في غزة يعني أن الرصاصة الأخيرة ستكون في رأس نتنياهو السياسي، ولكن استمرار العيارات الطائشة في الحرب من شأنه أن يأتي بترامب مجدداً الذي يأمل نتنياهو أن يعطيه أضواء خضراء للتصعيد ويعبر به على خطة خمسية جديدة لتأجيل الانتخابات القادمة داخل كيان الاحتلال، ويبقى نتنياهو على رأس الحكومة ورأس شجرة الحرب ليعبر خمس سنوات أخرى!.