الملحق الثقافي- خالد حاج عثمان:
تعد جمعية العاديات في اللاذقية فرعاً نشيطاً من عاديات الأم في حلب…وقد أثبتت هذه الجمعية أهميتها المجتمعية ثقافياً وأدبياً آثارياً تراثياً وفنياً ….واتخذت لها مكانة معروفة على مستوى المحافظة وسورية..جنباً إلى جنب مع فرع جبلة المتوقف حالياً…
صحيفة الثورة وإيمانا في تسليط الأضواء على التجارب الناجحة والمؤسسات الثقافية والمجتمعية كان لها هذااللقاء وهذا الحوار مع الأستاذ الباحث بسام جبلاوي رئيس مجلس إدارة جمعية العاديات في اللاذقية…
الذي حدثنا عن:
نشوء الجمعية..
عائديتها…
استراتيجيتها. أهدافها..
خططها في المجالات كلها..
دورها الثقافي والاجتماعي …والصعوبات التي تواجهها الجمعية والمقترحات لحل مشاكلها وتعميق الدور المهم الذي تضطلع به الجمعية…:
*- جمعية العاديات في اللاذقية من النشأة وحتى الآن…دوراً وأهمية ومكانة…وغيرها من القضايا…
يتحدث الأستاذ بسام جبلاوي مستعرضاً فيقول:
جمعية العاديات، هي جمعية أهلية تعنى بالتراث العمراني والآثار.
أسست في مدينة حلب ٢ آب ١٩٢٤م بهدف حماية قلعة حلب.
ومن ثم استمرت كجمعية هدفها الأساسي هو المحافظة على التراث المادي وغير المادي السوري.
يتناول نشاطها أراضي الجمهورية العربية السورية، ولها فروع في مختلف المحافظات السورية.
وليس لها أي تدخل في الشؤون السياسية والدينية.
بدايات الجمعية :
بدأت الجمعية باسم (جمعية أصدقاء القلعة والمتحف)، حيث كان السبب المباشر لنشوئها ما حدث أثناء الانتداب – الاحتلال – الفرنسي. آنذاك، تمركزت حامية عسكرية فرنسية ضمن قلعة حلب، وقد قام رئيس الحامية بفك محراب موجود في جامع إبراهيم الخليل داخل القلعة، وهو محراب يعود إلى الفترة الزنكية، القرن ١٢ ميلادي، والذي يعتبر آية فريدة في الجمال، حيث لا يوجد سوى محراب واحد في العالم شبيه له.
نتيجة لهذه السرقة، قامت مجموعة من المثقفين في المدينة / حلب، من مختلف الخلفيات السياسية والاجتماعية بتأسيس جمعية هدفها صيانة الآثار والأوابد الأثرية والتعامل مع التراث بشكل عام، والتي انطلقت رسمياً في عام ١٩٢٤م.
وقد استمرت الجمعية بالعمل تحت هذا الاسم وكان لها مساهمة في إنشاء متحف حلب فيما بعد.
تُعَدُّ جمعية العاديات التي عرفت باسم (جمعية أصدقاء القلعة والمتحف) سابقاً، الجمعية الأولى في سورية التي كان هدفها صيانة الآثار والأوابد الأثرية والتعامل مع التراث بشكل عام، منطلقة من حلب تحت الاسم المذكور (أصدقاء القلعة و … )، إلا أن هذا الاسم تغير بعد تطور الجمعية.
ففي العام ١٩٣١م، رغب أعضاء الجمعية بتغيير الاسم وجعله أكثر عمومية، ليشمل الأهداف التي كانت الجمعية تعمل عليها، فتمّت تسميتها بـ (جمعية العاديات)، حيث هذه الياء للنسبة، فمفرد كلمة (عاديّات) هي (عادي)، والتي تعبر عن ما ينتسب إلى (عاد) أي الموغل في القدم.
وقد كانت هذه الكلمة (العاديات) مستخدمة على نطاق واسع في المنشورات الأدبية حينذاك.
أما البيان الأول للجمعية آنذاك فقد تعلَّق بالحفاظ على الثقافة الأثرية وزيارة الآثار والسياحة وما إلى ذلك.
والمقصود بالتراث المادي الآثار والأوابد التاريخية الموجودة في المدينة، أما غير المادي فهو العادات والتقاليد والطقوس والعلوم والتعامل مع الطبيعة والطبخ وتقاليد الأعراس، وكل ما هو منقول من ممارسات وعادات غير ملموسة بما يبدو أقرب إلى مفهوم التراث.
كان المؤسسون الأوائل من مختلف الجهات والاتجاهات، يمثلون التنوع الثقافي والاجتماعي في حلب، فكانت الجمعية تضم شيوخاً وعلماء كبار مثل الشيخ راغب الطباخ، والشيخ كامل الغزي، والأب جبرائيل رباط، والمؤرخ خير الدين الأسدي، وغيرهم
بالإضافة إلى أناس مثل أدولف بوخه المواطن النمساوي الذي استقرت عائلته في سورية منذ أجيال.
هذه التنويعة من التوجهات والثقافات هي التي رسمت خط جمعية العاديات.
لم تتوانَ جمعية العاديات بدفاعها المستمر عن التراث العمراني، ولاسيما هي جمعية تراثية وطنية على صلات وثيقة وحسنة مع جميع الفعاليات وتضم جميع الفئات، ويشهد لها التاريخ دورها بالدفاع عن التراث العمراني في سورية، وقد سُجل للجمعية الوقوف في وجه المشروع الذي كان يهدف إلى إزالة السور وتغطية الأوابد في منطقة (باب الفرج) في حلب، أواخر القرن العشرين، حيث تدخلت الجمعية لإيقاف المشروع، وخاطبت السيد رئيس الجمهورية، ما أدى إلى توقف المشروع، ومن ثم تسمية حلب القديمة كجزء من التراث العالمي من قبل منظمة اليونسكو، وكان لفرع جمعية العاديات في اللاذقية دوره المشهود في الحفاظ على جامع المرفأ / جامع الأسكلة / أو الريس حمودة، ومنع هدمه؛ ودورها المهم في الحفاظ على مبنى خان الدخان/ المندوبية /
الذي كاد يذهب لإحدى الشركات الخاصة من أجل تشييد بناء برجي مكانه، لولا أن هب مجلس ادارة الجمعية آنذاك بوجه ذلك المشروع، وكان لفرع عاديات اللاذقية، دوره في تحويل هذا البناء إلى متحف وطني يحفظ مقتنياتنا الأثرية ويحافظ على البناء كتحفة عمرانية مميزة.
وان كانت الجمعية موجودة حالياً في جميع اللجان التي تعمل في المدينة القديمة في حلب، وكل ما يتعلق بالتراث المعماري وغير المعماري في المدينة، حيث توجد الجمعية ممثلةٌ بالاسم وليس كأشخاص؛ إلا أننا في اللاذقية نفتقد هذا الدور، وهذا ما سيسعى إليه مجلس إدارتها حالياً.
فروع الجمعية :
استمر عمل الجمعية حتى العام ١٩٣٩ ثم توقف بسبب الحرب العالمية الثانية حتى بداية الخمسينيات من القرن الماضي، بعد ذلك اجتمع أعضاء الجمعية من جديد في الخمسينيات، وأعادوا تفعيل الجمعية.
وفي العام ١٩٥٨ صدر النظام الداخلي للجمعية وأعطى للجمعية الحق في إنشاء فروع لها في المحافظات.
وهذه الفروع موجودة في أي مدينة أو منطقة يريد سكانها فرعاً للجمعية، والتي تعمل كلها تحت إشراف الجمعية الأم في حلب.
مع تطور عمل الجمعية رأى القائمون عليها أن دائرة اهتمامهم تتعدى القلعة والمتحف، فقرروا إطلاق تسمية جديدة تكون أعم وأشمل و أكثر دقة، – وهذا ما أشرنا إليه سابقاً – وباقتراح من الشيخ كامل الغزي أطلقت تسمية (جمعية العاديات)، والمقصود بالعاديات الأشياء الموغلة في القدم فكأنها من أيام قبيلة عاد القبيلة المنقرضة.
وفي معجم تاج العروس: العاديّ الشيء القديم نسبة إلى عاد. فيقال: مجدٌ عاديّ، وبئر عاديّ، أي قديمان، وملك عاديّ أي قديم جداً كأنه منسوب إلى عاد.
والعرب تنسب البناء الوثيق والبئر المحكمة الطيّ الكثيرة الماء إلى قبيلة عاد. / تاج العروس ٨ : ٤٣٧ – ٤٣٨ / .
وأعلنت الجمعية تأسيسها واجتماعها الأول تحت هذه التسمية في شهر رجب ١٣٤٨ هجري – كانون الثاني ١٩٣٠ ميلادي.
أهداف الجمعية :
١ – الاهتمام بالآثار القديمة والعاديات المنتشرة في الجمهورية العربية السورية.
٢ – التعاون مع مديرية الآثار تعاوناً يحقق الأهداف الرسمية لهذه المديرية.
٣ – تنظيم رحلات لأعضائها في الأماكن الأثرية.
٤ – الدراسات الأثرية والتاريخية والفنية، لإظهار العبقرية في القومية العربية في نواحيها كافة.
٥ – إلقاء المحاضرات الأثرية والتاريخية والفنية.
٦ – إصدار نشرات أو كراسات دورية ومجلة تسمى (مجلة العاديات).
٧ – التعاون مع مديرية السياحة في سبيل التعريف على الآثار والعاديات …؛ والتشجيع على زيارتها والانكباب على دراستها.
مما لا ريب فيه أن جمعية العاديات ـ فرع اللاذقية أضافت بعداً اجتماعياً رائعاً في المشهد الثقافي والحياة الفكرية ضمن محافظة اللاذقية، بفضل الجو الأسري، الذي يعيشه أعضاؤها، ومن خلال الجولات والزيارات الميدانية والمناشط الثقافية والفكرية، والرحلات التي تقوم بها، والحفلات والأمسيات الشعرية والقصصية والفنية، حيث تولدت الإلفة والمحبة والصداقة بين أعضائها وتحول الجميع إلى عائلة واحدة في إسرة متكاتفة هي إسرة العاديات.
وتعد جمعية العاديات في اللاذقية فرع نبيل من الجذع الأصيل للجمعية الأم في حلب.
تأسس فرع اللاذقية عام ١٩٧٦ بمبادرة من العلامة جبرائيل سعادة، وقد بدأ نشاطه الفعلي في مطلع عام ١٩٧٧ بجهود الأعضاء المؤسسين وهم: جبرائيل سعادة . صفوان زين . أنور مرقص . رجاء هارون . نهى عوض . نورما رباحية . مارك مرقص . جان هدايا . أسامة صوفي.
ولما لم يكن للجمعية عند تأسيسها مقر ثابت فقد جعل العلامة جبرائيل سعادة من منزله مقراً لها ولممارسة كافة نشاطاتها سواءً في عقد الاجتماعات أو إلقاء المحاضرات إلى أن تم تأمين مقر دائم لها.
وقد زاد عدد أعضاء فرع جمعية العاديات في اللاذقية زيادة كبيرة لمساهماته الواسعة وأنشطته المتعددة ولا سيما أن باب الجمعية أصبح مفتوحاً لكل من له اهتمام بالتاريخ والآثار والفكر والتراث.
ناهيك عن الاتصالات الواسعة للجمعية مع الجمعيات الأثرية التاريخية الأخرى، والملتقيات الثقافية المتنوعة، ومع بعثات التنقيب الأثري في الساحل السوري.
والتعاون مع مديرية الثقافة ودائرة الآثار والمتاحف، ومديرية السياحة، وجامعات: تشرين . المنارة . الشام . والعديد من النقابات المهنية والمنظمات الشعبية، ذات الصلة.
ويفتخر فرع جمعية العاديات في اللاذقية بجميع أعضائه الذي يمتلك الكثير منهم كفاءات علمية وفنية، ما جعل هذه الجمعية جمعية العاديات وجهاً ثقافياً تراثياً فريداً يعكس صورة الوطن، وتبقى منتدى للفكر والآثار الخالدة في سياق التاريخ القديم والمتجدد في حياة الوطن والأمة.
لجمعية العاديات في اللاذقية حضور كبير ومميز ضمن المشهد الثقافي والفكري والمعرفي .. ولاسيما أن نشاطاتها تتوزع على تقديم ..
– المحاضرات والندوات والملتقيات والدورات التدريبية من قبل كبار المختصين والخبراء والأكاديميين.
– الرحلات العلمية والأثرية والترفيهية.
– الأمسيات الأدبية من شعر وقصة ودراسات أدبية .
– أمسيات فنية وموسيقية.
– جميع الصعوبات تتجلى بالموارد المالية التي يتصدى لها أعضاء مجلس الإدارة من قبلهم شخصياً.
-ويختم الأستاذ بسام جبلاوي رئيس جمعية العاديات في اللاذقية قائلاً:
تجري التحضيرات والاستعدادات لجملة من النشاطات المختلفة احتفاءً بالذكرى المئوية لتأسيس الجمعية.
العدد 1194 – 25 -6-2024