السباق إلى حضن نتنياهو لعله الوصف الدقيق لما جرى في المناظرة بين مرشحي الرئاسة الأميركية الديمقراطي جو بايدن والجمهوري دونالد ترامب، اللذان وقفا متقابلين للمناطحة السياسية ما قبل الانتخابات، ومن يقتل الآخر ويطعنه بصهيونيته أكثر هو الأقدر على أن يفوز بقلب نتنياهو وتأييده.
من الواضح أن الطريق إلى البيت الأبيض يمر من “تل أبيب” وتحديداً من مكتب نتنياهو الذي كشفت المناظرة أمس بين المرشحين المتبارزين من أجل الفوز بصوته وليس بأصوات الشعب الأميركي، لا بل إن ترامب اتهم بايدن بالتقصير تجاه “إسرائيل” وعدم دعمها الكافي في الإبادة الجماعية للفلسطينيين واصفاً إياه أي بايدن “بالفلسطيني” ما يكشف أكثر دور الشرطي الأميركي في الشرق الأوسط والذي طالما صدع رؤوسنا بأنه وسيط للسلام، وإذا به عميل للكيان من درجة الحارس الشرس لمصالح “إسرائيل” والاستيطان.
ترامب قال لبايدن إنه “فلسطيني” طالما أن “إسرائيل” غير قادرة على تحقيق أهدافها من العدوان على غزة ولا يستحق أن يكون رئيس أميركا دون أن يكون حارساً للمصالح الإسرائيلية وأن عليه أن يترك نتنياهو يكمل مهمته في إبادة الشعب الفلسطيني .. ليرد بايدن حالفاً الإيمان إنه أفرغ كل ما في جعبته السياسية والعسكرية في جيوب نتنياهو، وأنه أعدم كل الأخلاقيات والقيم الغربية في طريق نتنياهو إلى غزة، بل وقتل وسحل وبصق في وجه الطالب الأميركي يوم خرج الأخير منددا بقتل الشعب الفلسطيني مطالبا بوقف الحرب ووقف استباحة القيم الإنسانية.
من ينتظر مُخلّصاً للعالم يخرج من البيت الأبيض كمن ينتظر عدالةً من الشيطان، ولكن السؤال هل باتت “إسرائيل” تمسك أميركا من رقبتها السياسية أمام كل العالم، وهل المصالح بين واشنطن وكيان الاحتلال مترابطة لدرجة أن يحكم نتنياهو البيت الأبيض.
لا يمكن تفسير سعي البيت الأبيض لإرضاء نتنياهو حتى على حساب الشعب الأميركي والشباب الأميركي المثقف الذي رفض الحرب والإبادة في غزة.. لا يمكن تفسير هذا من باب المصلحة بين “إسرائيل” وأميركا أو حتى سيطرة اللوبي الصهيوني في أميركا فقط، فعلى ما يبدو أن واشنطن تعاني من أزمة شخصيات سياسية وازنة وقادرة على قيادة أميركا كدولة عظمى وليس كتابع لاسترضاء نتنياهو، وما يجري على مسرح الانتخابات يعكس الحال الانتخابي الذي لم يستطع الحزب الديمقراطي أن ينجب فيه مرشحا أقل شيخوخة سياسية من بايدن، وعجز الحزب الجمهوري عن ولادة مرشح أقل جنونا من ترامب، فكانت النتيجة أن واشنطن تحجز كرسيها الرئاسي في مصحة سياسية يديرها نتنياهو الذي يميل لجنون ترامب هذه الأيام ويناسبه في المرحلة المقبلة.
فنتنياهو يريد البقاء على رأس الكيان وتأجيل الانتخابات ولا أحد قادر على تحقيق تلك الأمنية سوى جنون ترامب الذي سيمدد حرب نتنياهو وعدوانه بعد أن احترقت كل أوراق بايدن، وأصوات الصهاينة في أميركا ستجلس في صندوق ترامب بعد أن غادرت صندوق نتنياهو وغدرت به.