هي الأقدار لا تتردد أن تخطف بين الحين والآخر من نحب، سواء كان صديقاً أم عزيزاً أم حبيباً، إنها سنة الحياة التي نقف أمامها عاجزين لاحول ولاقوة لنا إلا من عبارات المحبة التي نغدق فيها على من فقدنا في وقفات رثاء هي كل ما تبقى لنا من ذكرى الفقيد الذي كان يملأ حياتنا بالسعادة تارة والحب تارة أخرى، وربما كانت تجمعنا به علاقة عمل أو محطة عابرة من الحياة.
لكن المفارقة التي تدهشني في كل مرة نقف فيها لرثاء فقيد، هذا الكم من عبارات المديح وعبارات المحبة التي تفيض على ألسنة كل من حضر من المشاعر التي تمتلىء حباً ووفاء وقبل كل شيء حزناً بلا حدود.
وأقول مفارقة لأن ذاك الفقيد ربما لم يحظ بتلك المشاعر عندما كان على قيد الحياة، فنحن نفتقد في علاقاتنا لثقافة المحبة والتعبير عن مشاعرنا بكل وضوح، فما الضير لو قلنا لشخص أنت إنسان رائع، أو إن ابتسامتك تنثر الأمل في المكان، أو شكراً لأنك اتصلت بي في وقت أنا بأمس الحاجة إلى صديق يدعمني ويقف إلى جانبي، أو نعبر بكلمات إعجاب لعمل قام به صديق لنا أو مبادرة جميلة كان لها وقع حسن على الزملاء، ولكن للأسف نحن نكتم هذه المشاعر الإيجابية الحميمية، في الوقت الذي نطلق فيه العنان لمشاعر أخرى من الغيرة والحقد والاختلاف الذي يفسد الود ويؤدي إلى القطيعة.
ويمضي قطار العمر، من دون أن ندرك على حد قول الشاعر أحمد شوقي” دقات قلب المرء قائلة له، إن الحياة دقائق وثواني.”
ليست الحياة رحلة ممتعة، ففيها من التحديات ما يجعلها من القسوة حد مرارة الصبر، فلنجملها بمشاعر المحبة والصدق والابتسامة، وما أحوجنا إليها اليوم في عالم طغت فيه عوالم الفضاء الافتراضي، على عالم الواقع الحقيقي الذي نتلمس فيه ابتسامة صديق وكلمة رضا ونظرة حب حقيقية تصدر من القلب لتعانق القلب.
فهل نقتنص الفرصة لنعبر عن مشاعرنا قبل فوات الأوان؟.
التالي