الثورة _ رفاه الدروبي:
شارك التشكيلي الدكتور عهد الناصر رجوب في المعرض المشترك مع كوكبة من الفنانين التشكيليين في البيت الأزرق، وقدَّم نموذجين في لوحاته، يختلفان من حيث التقنية والمدارس والمتعة، فتجلَّى النموذج الأول باللوحة الصغيرة جداً، والآخر طرق باب التراث الجميل بكلِّ مكوناته.
الدكتور رجوب لم يُخطِّط في قرارة نفسه للعمل، بل حاول كسر القواعد لتتنحّى الريشة جانباً ويقتصر عمله على السكين لتشكيل الألوان مباشرة، فكانت اللوحات نتاج ما تعرَّض له من ضغوطات نفسية خلال الأحداث في سورية، فلجأ للفن كي يكون ملاذه في الخروج من حالته، وتلبية رغباته برسم لوحات صغيرة جداً، استمدَّها من المخزون البصري القديم والتأملات السابقة المخزونة في مخيلته من مناظر طبيعية خلابة تتمتَّع بها بلادنا ظهرت بشكل تلقائي من دون إدراك.
اقتصرت لوحاته على استخدام مشتقات اللون الواحد الأزرق لأنَّه رأى في قرارة نفسه أنَّها تُشكِّل عبئاً عليه بقدر ما تلبِّي رغباته الفلسفية برسم لوحات هي ليست إعادة صياغة للواقع، وإنَّما تحمل شيئاً من مفاهيم علم الجمال وعلاقته بالفلسفة، ولا بدَّ من وجودها، ولا يمكن استمرارها من دون القيم المتمثلة بالإنسان.
كما اعتبر أنَّ اللون الأزرق صديقه عندما يلوذ بنفسه، ويلجأ إلى الألوان الأخرى كالبنفسجي والرمادي لأنَّها تعطي حالة أطلق عليها «حلم» ينفِّذه، لكنَّه يتعلق بالفن كأسلوب صعب اتبعه ليأخذ المتلقي إلى عوالم جميلة فيبتعد بالألوان، تاركاً له تأدية دوره في وضع ألوان كما يشاء وحسبما يريد، بأسلوبه، وفق منهج تعبيري نفسي.
ولكن اختلف المنهج كلياً في النموذج الثاني كونه وجد أنَّ الألوان تُشكِّل سعادة لديه ليطرق باب التراث ويُنفِّذ عملاً مختلفاً حاكه من الأقمشة، فبدأ تراثياً إذ تعلَّم الطريقة من زوجته ما جعله يشعر بلمسات شفَّافة تتداخل بوجدان النفس الإنسانية.
