الملحق الثقافي- ت : إبراهيم استنبولي:
منذ أنْ منحني الإلهُ
بصيرةَ النبي،
وأنا أقرأُ في عيونِ الناس
صفحاتٍ من الحقدِ والرذيلة.
أنا رحتُ أدعو إلى المحبّة،
وأنشرُ تعاليمَ الحقِّ النقيّة:
راح كلُّ المقربين مني
يرموني بالحجارة مسعورين.
رشَشَتُ رأسي بالرماد،
فقيرًا هربتُ من مُدن العِباد،
وها أنا ذا أعيش في الصحراء،
مِثلَ الطيور،
آكلُ مِن نعمةِ الربِّ،
وأحفظُ الوصيّةَ الأبدية…
الشاعر النبوي ميخائيل ليرمنتوف
عاش ٢٧ سنة وإلى الأبد!..
في ، ٢٧ تموز من عام ١٨٤١ فجعت روسيا بمقتل شاعرها وريث المجد الأدبي بعد مقتل الكساندر بوشكين- ميخائيل ليرمنتوف (1814 – ١٨٤١) الذي هزّ كيانه مصرع بوشكين، فكتب في اليوم التالي قصيدته الهائلة «موت شاعر»، التي جعلته مشهورًا على الفور في جميع أنحاء روسيا. لِيتربّع على عرش المجد الأدبي دون منازع. وقد كتب الناقد والمفكر الروسي الشهير بيلينسكي فور ذيوع نبأ المبارزة بين ليرمنتوف وصديقه مارتينوف: «لقد أصابت الأدب الروسي المسكين فاجعة جديدة: قُتِل الشاعر».
كانت روح ليرمنتوف المتمردة في اشتعال دائم، طافحة بالطموح الساحر، مثقلة بالحزن الدائم… وكان يحمل في طيات نفسه إدراك ما هو أبدي، ما هو محاط بصقيع الفضاءات السماوية، خارج الزمن وخارج هذا العالم الدنيوي…
لقد شغفتُ بالشاعر العظيم- بايرون الروسي، منذ أن كنت طالبًا في كلية الطب في موسكو أواخر السبعينيات من القرن العشرين… وبعد أن قرأت روايته «بطل من هذا الزمن» رحت أحلم بزيارة المكان الذي جرت فيه أحداثها… وعند أول فرصة سانحة سافرت في بداية الثمانينيات إلى مدينة بياتيغورسك في جنوب روسيا و»تقفيتُ آثار بيتشورين وأظَمَات…»، كما زرت قبر ليرمنتوف حيث دفن بعد مصرعه على يد صديقه مارتينوف…
ثم شاءت الأقدار أنني عدتُ إلى هناك عام ٢٠٠٤.
النص من كتاب «أنطولوجيا الشعر الروسي» الذي صدر قبل بضع سنوات في القاهرة…
العدد 1204 –10 -9 -2024