حضور سينمائي مميز في معرض الكتاب السوري الثالث

فؤاد مسعد
سبعة أفلام سينمائية روائية طويلة من إنتاج المؤسسة العامة للسينما، تُعرض ضمن برنامج الفعاليات الثقافية والفنية المرافقة للدورة الثالثة من معرض الكتاب السوري، الذي تنظمه وزارة الثقافة في مكتبة الأسد الوطنية تحت شعار «نقرأ لنرتقي». المعرض الذي افتتح مساء اليوم، بمشاركة عشرات دورالنشر السورية، يستمر حتى التاسع عشر من الشهر الحالي، وينطلق النشاط السينمائي فيه مساء يوم غد بعرض فيلم «الطريق» إخراج عبد اللطيف عبد الحميد، وسيناريو مشترك بينه وبين عادل محمود. حاز «الطريق» على عدد من الجوائز الهامة، وقد تمازج فيه العمق مع البساطة، وتدور أحداثه ضمن بيئة ريفية بكلّ ما فيها من دفء وتفاصيل تضج بالحياة، متناولاً حكاية جاءت مُطعّمة بالروح الإنسانية، طارحة بكثيرمن الشفافية علاقة تربط بين الجد والحفيد، حيث يشكّل الجد الدافع لإيصال حفيده إلى شاطئ الأمان متجاوزاً العقبات كلها بما فيها وصف الفتى اليافع بالغباء، إلا أن حكمته كان لها الدور الرئيسي في نجاح حفيده في الحياة. وقد انتصرت كاميرا المخرج للجمال متحدّية كلّ أشكال القبح، ساعية إلى إبراز أهمية التقاط مكامن القوة داخل الإنسان. فيلم «ماورد» إخراج أحمد إبراهيم أحمد، سيناريو سامر محمد إسماعيل عن قصة «عندما يقرع الجرس» للكاتب محمود عبد الواحد، ويرصد حكاية ثلاثة رجال يقعون في غرام امرأة تعمل في تقطير زيت الوردة الشامية، ويطل عبر هذه القصة على حقبة الخمسينيات في سورية وصولاً إلى وقتنا الراهن، ملتمساً التغييرات الاجتماعية الجذرية في بنية المجتمع السوري بين ثلاثة تيارات «المحافظة والليبرالية والقومية»، ومدى انعكاس أفكار هذه التيارات على حياة الناس. فيلم «الظهر إلى الجدار» سيناريو وإخراج أوس محمد، حاز على جائزتين في مهرجان الاسكندرية، وسبق أن عرض في معرض الكتاب السوري عام 2022، وتناول في حكايته تداعيات الحرب التي شنت على سورية، طارحاً حكاية إنسانية محورها شخصية قصي صاحب المبادئ الذي تغيرت حياته بعد اكتشافه أن صديقه المُقرّب منذ أيام الدراسة الذي انقطعت أخباره منذ سنوات يعاني من مشكلة كبيرة، فتبدأ رحلة البحث لمعرفة حقيقة ما جرى وأين كان مختفياً وما الذي أدى به إلى ما هو عليه وبالتالي محاولة إنقاذه، هي حكاية تنطلق من الخاص إلى العام، وتلقي الضوء في أحد أوجهها على ما أفرزته الحرب من تحولات. فيلم «رحلة يوسف» حصد العديد من الجوائز، وهو من إخراج جود سعيد، وفكرة مشتركه بينه وبين أيمن زيدان، سيناريو وسام كنعان وجود سعيد، ويحكي عن رحلة الجد «يوسف» الباحث مع حفيده عن أمل مفقود سعياً نحو حياة أفضل، هي أحلام ما إن تولد حتى تتحطم على صخرة واقع مرير ومؤلم. فيلم «عتمة مؤقتة» سيناريو وإخراج فراس محمد، سعى إلى رصد عوالم الناس ضمن بيئة فقيرة، طارحاً قصة شخصيتين في مرحلة جديدة من حياتهما يتقاطع مصيرهما معاً، مما يدفعهما لإعادة النظر في واقعهما وترتيب حياتهما لمواجهة التحديات والمصاعب. فيلم «الحكيم» إخراج باسل الخطيب وتأليف ديانا جبور، نال العديد من الجوائز، وسعى إلى محاكاة الواقع السوري فترة ما بعد الحرب متلمساً ما تركته من آثار في مفاصل الحياة، فجاء مُعشقاً بحالات إنسانية، في مقدّمتها الحكيم، الرجل الهرم الذي يتمسك بالبقاء في قرية هجرها معظم أهلها، انطلاقاً من إيمانه بالانتماء إلى مكان يعطيه من كلّ قلبه وكيانه، ويبادله فيه العديد من الأهالي المشاعر ذاتها، وإن تسرب اليأس إلى بعضهم إلا أن التكاتف يبقى له أثره في تكريس حالة من التماسك ضمن المجتمع. وكما بدأت الفعالية بفيلم للمخرج الرحل عبد اللطيف عبد الحميد، تنتهي بفيلم من تأليفه وإخراجه أيضاً بعنوان :»العاشق» الذي يمر كالنسمة بروحه الرومانسية، صارخاً بأفكاره ومقولاته كرياح عاتية، تتمازج شفافية الأسلوب مع الكوميديا السوداء، وفضّل المخرج في المشاهد الاستعادية للحكاية المنتمية إلى زمن مضى، اللجوء إلى أسلوب «الفيلم داخل الفيلم»، ليطرح حكايته في أكثر من مستوى وبعدة أزمنة متداخلة فيما بينها، موسعاً عدسته ليضم فضاء المكان فضاءات أرحب على الصعيد الإنساني والحياتي والبيئي ما بين الريف والمدينة. حيث يلاحق الفيلم حكاية مخرج سينمائي، نتابع من خلاله فيلماً آخراً أيضاً يقوم هو بعملية المونتاج له يحكي فيه عن حياته، ما يعكس سيرته الذاتية التي يتقاطع فيها الخاص مع العام.