قبل أيام من الآن احتفلت وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بصورة قديمة ومقطع فيديو قديم جداً يظهر فيه الدون كريستيانو رونالدو وهو يسجل أول هدف له في تاريخه في مباراة رسمية، ومن كان يتوقع أن يتجاوز هذا الشاب الصغير المنحدر من عائلة مفككة يقتلها الفقر الشديد إلى أعظم أسطورة في تاريخ كرة القدم ويكسر كل الرموز والحدود ويتحول إلى النجم الذي تتشوق كبار نجمات العالم لالتقاط صورة واحدة معه؟
رونالدو الذي لم يبلغ الأربعين بعد حقق كل شيء تقريباً، حقق حجم جاذبية لا تكاد تصدق فبمجرد فتح قناة على اليوتيوب تخطى عدد معجبيه ومتابعيه حاجز المليار على جميع وسائل التواصل، ووصلت أرباحه خارج الملعب إلى 60 مليون دولار وخلال أقل من 55 ساعة تصل قناته لضعف عدد متابعي نادي برشلونة، أقرب منافسيه على قناة اليوتيوب.
نحن لا نتكلم هنا عن شخص ونكيل له المديح فقط، ولكننا نريد أن نطرح أسئلة حول القوة الجارفة لكرة القدم اليوم والتي يمثل الدون الأنموذج الأفضل لها، وكيف استطاع هذا الفتى الفقير الوصول إلى قمة العالم؟ هل يرتبط هذا بالحظ والموهبة الخارقة مندمجتان مع بعض فقط؟ أم يمتلك مزايا أخرى أكد عليها معارضوه قبل مؤيديه وهي العقلية المتفردة والثبات العاطفي والطموح والإرادة الحديدية التي فرضت طوقاً صارماً وقوانين نظمت حياته بشكل دقيق وأطلقته كالصاروخ باتجاه هدف محدد؟
هنا نتكلم عن اللاعب الأنموذج الذي صار يدرس جسداً ومهارات وسلوكاً وعقلية في كل الكليات الرياضية والإعلامية الكبرى أيضاً، وهذا ما تفعله كرة القدم، حيث لم يعد ينافسها غناء ولا تمثيل ولا سياسة في مجال الشهرة، فالأشهر في العالم حالياً هو كريستيانو رونالدو وأقرب منافسيه هو العملاق ليو ميسي وهذا هو ما صار مصطلحاً بالإنجليزية (football effect) أي تأثير كرة القدم في عالمنا المعاصر، والذي لا يقتصر على شهرة الدون والبرغوث وغيرهما الكثير من نجوم الصف الأول الذين صاروا هدفاً لسياسات دول غنية تجري وراءهم لتدعم بهم استماراتها وتقوي شعبيتها سياسياً وإعلامياً في كل العالم فمتى نفهم أهمية الساحرة المستديرة وقوتها الخارقة لكل التحصينات؟ ونحن لا نريد كريستيانو رونالدو وندرك أنه بالنسبة لنا نجم بعيد في الفضاء، لكننا نأمل أن تنعتق كرتنا من قيودها وتمارس من قوتها على الأقل ما تمارسه عند إخوتنا المصريين!

السابق