نتنياهو يدفن رأسه كالنعامة بعد أن تحولت القبة الحديدية إلى خردة عسكرية تمر مسيرات المقاومة في لبنان وفلسطين من ثقوب خرقها لتصطاد رأس حكومة الكيان وتحوم في أجواء قيسارية معلنة مرحلة جديدة من طوفان الاقصى تغرق فيها الاستخبارات الإسرائيلية من أجهزة الشاباك وغيرها في فك لغز المقاومة التي تزيدها المعركة والإبادة تماسكاً وقوة.
فبعد أن استيقظ نتنياهو على صوت المسيرة تحوم فوق سرير نومه العميق ربما أدرك أن واشنطن التي تقرأ له قصص أبطال الإبادة قبل النوم وكل يوم وتهدهد له بالكثير من الدعم العسكري والاستخباراتي في حربه وعدوانه على غزة ولبنان لم تستطع حمايته من ضربات المقاومة المصوبة إلى رأسه تحديداً، والتي كادت أن تقتله أو ربما أخفت عليه أي واشنطن صور اغتياله كما تخفي عن الجميع النية الكبرى من قصصها في الشرق الأوسط بأن المعركة والحرب على غزة هي معركتها اولا وانه هو نتنياهو ذراعها القاتل والذي تحركه وفق مصالحها.
فمنذ أن بدأت عملية طوفان الأقصى هرول بايدن إلى الأراضي المحتلة، وقبل جبين نتنياهو وملأ جيوبه العسكرية بسيول من الدعم اللامحدود ووفر كل الأجواء السياسية ولجم المنظمات الأممية والإنسانية ليترك الساحة للقاتل نتنياهو يمارس فيها ابشع صور الإبادة بحق الفلسطينين وأوهم العالم عبر وزير خارجيته بلينكن بأنه يسعى لوقف إطلاق النار في غزة والتهدئة وأنه أي نتنياهو خرج عن طوعه السياسي والعسكري في سعيه للدفاع عن أمن إسرائيل على حد تعبيره وليس تنفيذ مخططات واشنطن في شرق أوسط جديد.
حملت واشنطن مخططات تغيير الشرق الأوسط على ظهر نتنياهو فإسرائيل هي أميركا الصغرى في المنطقة… والشرق الأوسط، هوأكبر ساحات واشنطن في مواجهة روسيا والصين إلى جانب أوكرانيا وشبه جزيرة تايون فإن خسرت أميركا المعركة هنا تهشمت هيمنتها أكثر وتقدم العالم متعدد الأقطاب ليجتاز جثة القطب الأميركي المهيمن لذلك وأكثر فالمعركة التي يخوضها نتنياهو هي معركة واشنطن نفسها للبقاء في المنطقة التي كادت تخسرها وتخرج منها مع دخول موسكو وبكين، وإن اختلفت الطريقة فواشنطن تدير الحرب بالتكتيك ووفق مجريات الميدان بينما نتنياهو أصيب بالعمى السياسي ويهرب إلى الأمام هرباً من محرقته السياسية الداخلية ربما يهرب إلى محرقة أخرى قد تشعلها أميركا بيدها إن وجدت أن نتيناهو بات منتهي الصلاحية.. ربما فالاحتمالات مفتوحة خاصة أن واشنطن واستخباراتها قد تكون قد رأت المسيرة قادمة من لبنان ولم توقظ نتنياهو إلا في آخر لحظة.. وربما لن توقظه في المرة القادمة.