الثورة أون لاين: طغت الحياة السياسية على كل شيء وهي خلاصة الثقافات البشرية من جهة ممارستها ولكن ماذا في التفاصيل؟ كيف نفهم السياسة ونغوص في أعماقها ونفك شيفراتها؟
أسئلة كثيرة تخطر في البال: لماذا حدث هذا ولم يحدث غيره؟ لماذا هذا الموقف وما الدافع إليه وما وراء الأكمه…
كتاب علم النفس السياسي تأليف مجموعة من الباحثين الصادر حديثاً عن دار التكوين في دمشق, ترجمة عبد الكريم ناصيف, يبحث في هذه الأسئلة ويجيب عنها.
يقع الكتاب في 451 صفحة من القطع الكبير ويتوزع على أربعة أقسام نقف عندها باختصار.
علم متعدد الثقافات
يبدأ القسم الأول بمقالة تمهيدية كتبها الناشران يلخصان فيها المسائل الأساسية المهمة التي طرحتها الأعمال الأولى في هذا الميدان وعلى الرغم من أنه قلما ارتكز أحد عليها فإن في ذلك التراث المبكر الكثير مما يعلمنا, كما أنه ترك الكثير مما يمكن تفحصه والتعمق في تفسيره بعدئذ يعالج لوسيان باي طبيعة المفهوم المراوغ الذي لا مناص منه للثقافة ويحلل لماذا هو مراوغ ولماذا لا مناص منه, إنه بفعل ذلك يتعقب أثر التطور التاريخي للمفهوم وكذلك تطوره كفرع إضافة إلى علاقته بعلم النفس الشخصي بما يوفر فهماً أساسياً لأي عمل في هذا الميدان, يبدأ مارك روس حيث ينتهي باي متفحصاً المفاهيم البديلة للثقافة وعلاقاتها بالحياة السياسية كما يتفحص الدور الذي تلعبه الثقافة في تفسير المسائل المهمة بالنسبة إلى علم النفس السياسي مقدماً أسباب نظرية وعملية ممتازة.
يذكر آلان فيسك وفيل تيتلوك أنه من الممكن في كل ثقافة تحديد أربعة أشكال أساسية للعلاقات الاجتماعية: شراكة الجماعة, التصنيف السلطوي, التصنيف المساواتي وشراكة السوق.
ثم يفحصان دور كل من هذه الأشكال في خلق مفاهيم معيارية ليسألا كيف يتناول الأفراد في كل ثقافة حالات عدم التساوق بينها وانتهاكاتها.
علم النفس والصراع السياسي
يركز القسم الثاني على الرؤى النظرية التي يمكن من خلالها النظر وعلى نحو مفيد إلى تقاطعات علم النفس الثقافي من جهة وإلى الصراع السياسي العالمي- الحقيقي وتحسينه من جهة أخرى فيكشف فصل جون دوكيت عن واحدة من أشد إن لم تكن أشد القضايا المعاصرة تفجراً على الصعيد المحلي والدولي ألا وهي الأسس الثقافية للتعصب والتمحور العرقي محدداً اثنين من المفاهيم الإدراكية الثقافية أحدهما يرتكز على التحكم بالخطر والثاني على عدم المساواة والهيمنة وكلاهما ينشأ من الميول البشرية الأساسية ومن التجربة ويتم التعبير عنها بالقيم الثقافية, المواقف الاجتماعية والإيديولوجيات السياسية كما يقفان وراء التعصب والتمحور العرقي في الثقافات ولدى المجتمعات والأفراد ويبتان بأمرهما.
التغير والاستمرارية
يستكشف القسم الثالث علم النفس السياسي للتغير في الأقاليم الثقافية تقاطع الثقافة, علم النفس والتغير السياسي ضمن وعبر مناطق جغرافية مختلفة ثقافياً, إذ يبدأ آلن جونسون مستنداً إلى عمله الميداني الواسع في استكشاف كيف تشكل الصراعات الثقافية والعاطفية غير المترابطة الواقع السياسي لجماعتين سكانيتين في أميركا الجنوبية: أحدهما قائمة على المساواة والأخرى على الطبقية.
كلتاهما يتعين عليهما أن تواجه قضايا متماثلة لكن ظروفهما الاقتصادية والاجتماعية المختلفة تساعد في تعليل الطرق التي تطورت بها سيكولوجيتهما الثقافية من حيث علاقتها بسياستهما بعدئذ يتفحص أوفر فيلدمان المفارقة القائمة بين علم النفس الثقافي الياباني والسياسة, فالشعب الياباني هو من أكثر الشعوب عزلة وتماسكاً مع ذلك فإن توجهه الثقافي التقليدي حيال القادة والسياسة وفي مجالات كثيرة "يتحول إلى الحديث".
أما فثالي مقدم وديفيد كريستال فيتفحصان علاقات السلطة وعدم المساواة في مجتمعين يمران بتغيرات اجتماعية وسياسية إيران واليابان, إنهما يركزان على المكانة الاجتماعية المتغيرة للمرأة وكذلك على الطرق التي يمكن بها للتلاؤم أو انعدامه بين العملية الثقافية والسياسية أن يعوق حالات عدم المساواة أو يسهلها.
معضلات التعددية الثقافية
أخيراً يركز القسم الرابع على معضلات المجتمعات ذات التعدد الثقافي وذلك مع تزايد طرح الهجرة لمسائل أساسية تتعلق بالهوية الوطنية والهوية الفئوية العرقية وكذلك بالتكامل السياسي والانفصال, يبدأ جورج ديفوس بتفحص التأثير المستمر لعلم النفس الثقافي عبر مراحل الهجرة والتمثل مبيناً من خلال تركيزه على التجزئة اليابانية والكورية في اليابان, البرازيل, والولايات المتحدة الأميركية.
أخيراً يتفحص ستانلي رينشون تلك المعضلات ذاتها في الولايات المتحدة مناقشاً بأن التوجهات الثقافية الأساسية هي التي تقف وراء التوترات القائمة ضمن الفئة العرقية وما بين الفئات العرقية وهي في نهاية المطاف أكثر أهمية من العرق أو العرقية.
بطاقة تعريف:
الكتاب: علم النفس السياسي.
المؤلف: مجموعة من الباحثين.
المترجم: عبد الكريم ناصيف.
الناشر: دار التكوين-دمشق.
الثورة أون لاين- يمن سليمان عباس