كيف نعتاد الحياة بغياب الأحبّة..؟
ثمة فكرة ترد في فيلم (جمال جانبي، Collateral beauty)، تُختصر بأن “لا شيء يموت حقاً، إن تمعنتَ فيه جيداً”..
الموت.. الغياب.. الفقد.. الفراق.. جميعها مفردات تطرز حضور الأحبة بطريقة مغايرة.. مخالفة لوجودهم المعتاد جسدياً وبصرياً..
حينها يصبح وجودهم متجذراً أكثر في أعماقنا..
تتكرر صورهم.. وصدى أصواتهم عدداً لا نهائياً من المرّات.. ونحاول عبر تذكرهم التقاط كل الجماليات والإيجابيات التي تشاركناها وإياهم.
تسقط كل الأشياء النافرة، ولا يبقى في ذاكرتنا عنهم سوى تفاصيل “الجمال والفرح والحب” وظلال ابتساماتهم التي لا تمحى.
(لا شيء يموت حقاً، إن تمعنتَ فيه جيداً)..
والآن أنا أقف على حدود خطّ فاصل بين ما كان وما سيكون..
وأتمعّن بدقّة.. أتفحصُ لحظات حياة كانت نابضة بقوة حضورهم..
وفي كل لحظة تذكّر أحياها، أدرك أن شيئاً ما منهم يحيا داخلي من جديد..
شيئاً ما..؟!
بل كلّ شيء..
أجمل شيء..
وألطف شيء..
وأنبل شيء.. ينمو ويعرش في خلايا وجود يصاغ بطريقة مختلفة..
ثم نحيا برفقة حضورهم المكثف “روحياً”.. وتتحوّل مشتركات العيش إلى قافلة (ذكريات).
الموت.. الفقد.. الفراق.. جميعها نقاط نهايات..
عليّ الآن تحييد كل النهايات.. أو تحويلها إلى سلسلة بدايات لذكريات.
مشتركاتي مع الأحبة أصبحت “ذكريات”.. ستعود لتولد في مخيلتي مرّات ومرّات.
عشرات الأفعال اليومية ستُخلق من جديد في ذاكرتي، وسأعيد إحياءها مع نفسي.. ليتحوّل كل حضورهم المؤثر إلى وجودٍ آخر.. إلى وجود من نوعٍ خاص يغلّفه غياب (الجسد) ويتحرّر منه بذات الوقت.
إذاً هو “الأثر”.. تأثيرهم داخلنا لا يموت.. تلك البصمة التي نقشوها على أديم أرواحنا لا يُمحى..
وبالتالي (لا شيء يموت حقاً).. إنما يتحوّل ويُخلق من جديد على هيئة أثر مطبوعٍ في أبعد نقطة من أعماق “وعينا” و”لا وعينا”.