أما وأننا قد بتنا أسرى وصرعى لنبوءات المنجمين والمتحذلقين، فإنه لابد لنا على الفور، وبعيداً عن كل القراءات والتحليلات التي لا تزال تنهال وتنهمر علينا من كل حدب وصوب، أن نستذكر نبوءات مايكل وولف صاحب كتاب “عالم ما بعد أميركا” ، وألفريد ماكوي، وفريد زكريا رئيس تحرير نيوزويك السابق، والمنجم الفرنسي نوسترادا موس، والتي يتقاطعون فيها عند مقولة “نبوءة”، “إن الإمبراطورية الأميركية سوف تسقط عندما يقودها أحمق أو مجنون”، فكيف إذا اجتمعت هاتان الصفتان في رجل واحد؟ فلكم عندها أن تتخيلوا أي كوميديا سوداء باتت تنتظر العالم.
ترامب الذي لطالما وصف نفسه بـ” صانع السلام”، وبشكل يثير السخرية، وكذلك التساءل، عن أي سلام يتحدث ذلك الرجل، وقد غصت المنطقة بالأشلاء، وفاضت بشلالات الدماء التي فجرتها إسرائيل بالأسلحة الأميركية والدعم الأميركي اللامتناهي في عهده وعهد غيره.
لا ضوابط سوف تحكم سلوك وإيقاع هذا الرجل المتهم في بلاده بـ34 قضية جنائية، سوى الرقص فوق جثث وأشلاء الضحايا في منطقتنا، خصوصاً أنه يجيد الاستعراض والحركات البهلوانية التي سوف تجعل منه، ليس جابياً للأموال والضرائب فحسب، بل منفذاً لسياسات الحكومة العميقة في أميركا التي تبحث عن شرق أوسط جديد مستسلم للمصالح والرغبات الأميركية والإسرائيلية، لاسيما إذا اجتمع جنونه وحماقته مع إرهاب وإجرام نتنياهو في سلة واحدة.
بعيداً عن الحماقات والجنون وصناعة السلام على الطريقة الأميركية والإسرائيلية، تبقى المقاومة، ومهما كانت التضحيات كبيرة، هي السبيل الوحيد لصناعة المعجزات والأساطير والانتصارات، ومواجهة كل المخططات والمؤامرات الصهيو-أميركية، فالمعركة اليوم ليست لصياغة معادلات الحاضر فقط، بل لصياغة معادلات المستقبل على أسس اندحار وإنهاء الاحتلال وإعادة الأرض والحقوق إلى أصحابها.