ليس جديداً أن يذهب العالم إلى التوثيق عبر الرقمنة في زمن باتت التكنولوجيا والشبكات العنكبوتية سيدة الموقف، وخصوصاً فيما يخصّ التراث والثقافة والوثائق وما يمكن أن تتعرض له من كوارث طبيعية كالزلازل والحرائق أو تمتد إليها يد التخريب والتدمير في الأزمات والحروب.
وهذا بالطبع دفع بالكثير من المؤسسات الثقافية والفكرية للسعي إلى استخدام تقنيات التوثيق الرقمي للحفاظ على تراثها من التلف أو الضياع، ولحمايته في الآن نفسه من أجل وصوله إلى الأجيال القادمة وتعريفهم بتاريخهم وإرثهم الحضاري وتعزيز مفهوم الهوية والانتماء لديهم.
وربما ما أثار هذا الموضوع المهم هو مشاركة سورية في المؤتمر الخامس والثلاثين للاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات غداً في العاصمة العمانية” مسقط” تحت عنوان” المكتبات ومؤسسات الأرشيف العربية ودورها في تعزيز الهوية والمواطنة، إيماناً منهم أولاً أن التوثيق الرقمي للتراث والثقافة بات من أساسيات المرحلة الحالية التي تتسم بالتحديات الكثيرة، ومن جهة أخرى هي حاجة ملحة لأن التراث الثقافي يشكل أحد المكونات المهمة للهوية والمواطنة وإرث الأجداد، والحفاظ عليه مسؤولية الجميع وخصوصاً المؤسسات الثقافية والفكرية والمكتبات التي تحتفظ بالقسم الأكبر من الوثائق المكتوبة منها والمصورة بالإضافة إلى التسجيلات النادرة.
فعندما تتم عملية رقمنة المعلومات وتوثيقها وإنشاء قاعدة بيانات كبيرة تحتوي على ذاكرة الأمة وتاريخها وثقافتها يصبح من السهولة ارتيادها من قبل الأجيال القادمة التي تعتمد على التكنولوجيا في البحث والتحصيل والتعرف على المخزون الثقافي الغني والحفاظ عليه ومتابعة الجهود لإثرائه بكل جديد.
هذا إلى جانب تسهيل عملية التبادل الثقافي والتفاعل مع الآخر، وإتاحة فرصة الاطلاع على تراث الشعوب بغض النظر عن موقعهم الجغرافي، ما يعزز التعاون والتبادل الثقافي بين الشعوب.
ولا يمكن في هذه العجالة إلا أن نثمن دور مكتبة الأسد، ومؤسسة وثيقة، وطن لجهودهما الكبيرة في السعي إلى تطوير مواردهما والحفاظ على الرصيد التاريخي والفكري والثقافي والتراثي للبلاد.