ثورة أون لاين ـ دمشق ـ بشار الحجلي :
لم يعد الإعلام تلك الوسيلة الحاملة للمعلومة التي يراد لها توصيل الرسائل بين مطلق الرسالة والمتلقي سواء كان فردا أو شريحة اجتماعية وربما شعبا بكامله فقد انتقل على يد الإمبراطوريات الإعلامية الجديدة من مجرد ناقل للخبر على صانع للحدث بشكل عام حيث برع الإعلام الغربي عموما والصهيوني وأدواته العربية بشكل خاص في قلب الحقائق وتزوير المعطيات متحولا إلى غرف عمليات تطلق الأوامر لذرعتها التنفيذية على أرض القتال الدائر بشراسة فيما أطلقوا عليه مسمى " الربيع العربي " .
ذراع الصهيونية الطويلة
الباحث الدكتور عمار مرهج فند هذه الحقيقة في كتابه الأحدث الصادر مؤخرا عن دار طلاس بحوالي 140 صفحة من القطع الكبير الذي اختار عنوانه " الإعلام الإسرائيلي .. ذراع آخر للصهيونية" فذكر أن الإعلام يشكل حجر الزاوية في الإستراتيجية الصهيونية فمنذ المؤتمر الصهيوني الأول في بال السويسرية عام 1897تم التركيز على نشر الوعي لدى اليهود ودفعهم للهجرة على فلسطين ، وهاهو تيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية يكتب في افتتاحية العدد الأول من أسبوعية الحركة الصهيونية " ديوولت " بتاريخ 3\ 6 \ 1897 : " يجب على هذه الصحيفة أن تكون درعا للشعب اليهودي وسلاحا ضد أعدائه " .
ومنذ ذلك التاريخ يعد التضليل الإعلامي من أعتى أدوات الكيان الإسرائيلي متضمنا الكذب المستمر وبأساليب وصيغ متعددة ومتباينة وقوالب مختلفة تقنع حتى المتردد وعليه أنشأت إسرائيل قسم استخبارات التضليل الإعلامي حيث يحول هذا الإعلام الضحية إلى جلاد والعكس صحيح .
مرهج يؤكد في كتابه أن أجهزة الإعلام الإسرائيلية الداخلية والخارجية تعمل في تنسيق يكاد يكون كاملا رغم عدم وجود وزارة إعلام في الكيان واستعيض عنها بدائرة إعلام حكومية " بيتا غرون " ورابطة للصحافيين وهي إحدى وسائل تنظيم العلاقة بين الصحف والسلطة كما ان لكل وزارة ودائرة ناطق إعلامي رسمي له أوصافه ومهامه ومساعديه لصياغة ردود الأفعال .
اليهود ودعم حلم الدولة
الأستاذ الياس مراد رئس اتحاد الصحفيين في سورية كتب في تقديمه للكتاب يقول :
" ما بين أيدينا في هذا البحث من معلومات وتوثيق ووقائع ليس إلا الدليل الأكثر وضوحا في الدور الذي لعبه الإعلام المعادي في غرس فكرة " الدولة اليهودية" ـ (حقوق الصهاينة ـ أرض الميعاد ـ حق اليهود في إقامة دولتهم … ) والعمل المركز على العقل اليهودي الصهيوني لتحضير اليهود للحلم بالدولة ومن ثم ضرورة التضحية من أجلها تمهيدا لمرحلة لاحقة بإقناع العالم بحق الصهاينة في فلسطين . وتصوير العرب والفلسطينيين على أنهم في مواجهة الشرعية الدولية حين يقاتلون لمنع هذه الدولة كذلك التأثير في العقل الغربي واستلابه للوصول إلى قناعة عدم جدوى مواجهة إسرائيل واعتبارها حقيقة أزلية ".
ويضيف مراد : إن الرصد الذي نراه في هذا الكتاب للإعلام الصهيوني إن لدوره أو تأثيره وآلياته أو لأسباب العدو في توظيف تأثيرات هذا الاستخدام يشكل فرصة لمن يرغب في المعرفة أو المقارنة والمقاربة لأساليب ووسائل استخدام هذا العلم بين أن يكون في خدمة المجتمعات والشعوب وأن يكون عبئا عليها أو مساهما في تدمير الثقافات والمعارف وشتان بين وظيفة الإعلام النبيلة وبين ما ذهبت إليه الصهيونية كحركة وأحزاب وعصابات في استخدام الوسائل التي أوجدها العلم لخدمة البشرية .
الدعاية الصهيونية تغزو العالم
الكاتب مرهج جعل فصل كتابه الأول بعنوان الدعاية الصهيونية وتحته عناوين مثل مصادر الدعاية الصهيونية وتفوق الشعب المختار ودعاية قلب الحقائق والدور الداعم للإعلام الصهيوني وسياسة التحريض وتزوير الوقائع والدفاع عن الاغتيال الإسرائيلي ليختم هذا الفصل بعنوان الدعاية الصهيونية وتوجهاتها نحو الغرب وأسباب نجاح الدعاية الإسرائيلية في الغرب .
ثم يعنون فصله الثاني بالإعلام في الإستراتيجية الصهيونية وفيه :
سياسة إسرائيل الدعائية ـ سمات رئيسية للإعلام الإسرائيلي ـ نماذج من أساليب التحريض ضد العرب ـ مصطلحات يروج لها الإعلام الإسرائيلي ـ ويختم بالحروب الاسرائيلية تبدأ إعلاميا وتواكب الحروب العسكرية .
أما الفصل الثالث فتحدث فيه حول الصحافة وأهميتها لكيان العدو مستعرضا تاريخ الصحافة والصحف الإسرائيلية ولا ينسى التذكير الصحف العربية والرقابة عليها داخل الكيان ثم ينتقل في الفصل الرابع للإذاعة والتلفزيون وابرز القنوات العبرية وكيف أحدثت قناة خاصة لتجميل صورة إسرائيل وهكذا ليصل للصحافة الاليكترونية .
الفصل الخامس تحدث فيه عن غدارة وتمويل الإعلام الإسرائيلي ويوضح رؤية اللوبي الصهيوني ودوره في الإعلام والصحافة الأمريكية وكذلك الإعلام في لإفريقيا وينهي الكتاب بالفصل السابع والأخير بسؤال مشروع كيف نواجه ليقول بمواجهة الإعلام بالإعلام وتعزيز دور وفاعلية الإعلام الخارجي .
ما ذكرناه حول كتاب عمار مرهج الجديد الإعلام الإسرائيلي .. ذراع آخر للصهيونية مجرد إحاطة بسيطة لا تلغي متعة المتابعة والغوص في تفاصيل الكتاب الذي يعطينا الدليل ويحفز القاريء على أهمية معرفة العدو ووسائل تأثيره عل عقول الآخرين .