مراسل “الثورة” في دمشق جاك وهبه:
لطالما كانت الصحافة تُعتبر في العصور السابقة مرآة حقيقية للواقع، ووسيلة لنقل الأنباء وبناء الرأي العام على أسس من الشفافية والموضوعية، فهي أداة تربط بين الناس والواقع، وتتيح لهم فهماً أعمق لما يدور حولهم.
ولكن في ظل النظام البائد، تغيرت هذه الصورة تماماً، حيث تحولت الصحافة إلى أداة خادمة للسلطة لتكريس الاستبداد، بعيداً عن دورها كمراقب مستقل أو كصوت للمجتمع، بل كانت جزءاً من آلة الدعاية التي تدافع عن النظام الحاكم.
قبل سقوط النظام الاستبدادي، كان الصحفي مضطراً للخضوع لأوامر السلطة، ويبتعد عن أي محتوى قد يسبب إزعاجاً أو يشكل تهديداً للنظام، فالقلم الذي كان بين يديه لم يكن أداة للتوثيق أو للتعبير عن الحقيقة، بل أداة لتجميل السياسات الفاشلة وترويج أفكار السلطة، حيث فرضت الأجهزة الأمنية على الصحفيين خطوطاً حمراء، كان تجاوزها يعني الدخول في دائرة الخطر، ما جعل الصحفي يتجنب نشر أي نوع من الانتقاد أو التحقيقات التي قد تكشف جوانب مظلمة في الواقع.
لم يكن للصحفي حرية التعبير في تلك الأيام، بل كان دوره يقتصر على تكرار الروايات التي يفرضها النظام، وعرض القضايا بطريقة تحجب الحقائق أو تشوهها، كان يتلقى الأوامر من الجهات العليا في السلطة، ويُطلب منه “تجميل” الواقع كما لو كان أداة ترويجية، وليس شخصاً صاحب رسالة مهنية سامية.
أما اليوم، وبعد سقوط النظام البائد، بدأت معالم التغيير تظهر بشكل جذري، ووجد الصحفيون أنفسهم في مواجهة واقع جديد يمنحهم الحق في التعبير عن آرائهم بحرية، والتحقيق في القضايا التي كانت سابقاً محجوبة أو خاضعة للتقييد، يتطلعون في المستقبل إلى أن يكونوا جزءاً من نهضة إعلامية حقيقية، تعكس التطلعات الجديدة للمجتمع، وأن تصبح مهنتهم أكثر استقلالية وحرية، مما يتيح لهم أن يكونوا أداة فعالة في تشكيل الرأي العام بعيداً عن أي ضغوط سياسية أو اقتصادية.
#صحيفة_الثورة