الثورة – رفاه الدروبي:
يعتبر مكتب عنبر تحفة معمارية، وصرحاً حضارياً مهمَّاً، وأحد المعالم الأثرية التاريخية في دمشق القديمة، والمنزل الأكبر والأجمل بالمقارنة مع منازل المدينة القديمة، كونه لم يطرأ عليه أي تغيير نتيجة العوامل الطبيعية والبشرية، وكان له أثر كبير في النهضة العلمية والثقافية، فشكَّل منارة تعليمية رائدة إذ تخرَّج فيه أبرز وأهمُّ من تقلدوا المناصب في دمشق وبيروت.
يقع في حي المنكنة شرق المسجد الأموي، بمسافة قصيرة عن الشارع المستقيم، يتميز بهندسة معمارية متقنة، يحتلُّ مساحة ٥٠٠٠ م٢ على شكل مستطيل، مقسَّم لثلاثة أقسام.. كلَّ قسم له باحته الخاصة تحيط بها الغرف، مجموعها ٤٠ غرفة موزَّعة على طابقين، يحتوي البناء على ثلاثة أقسام رئيسة، أضيف إليه قسم رابع في وقت لاحق، كل قسم يتوسطه فسحة سماوية تحيط الغرف بها، وهناك باحة مركزية كبيرة تطل عليها غرفة استقبال الرجال والإيوان، وخلف الجزء نفسه يوجد القسم الخاص بالنساء حيث يطل على باحة غير مركزية.
أمَّا الجزء الخلفي من المنزل فيحتوي على ثلاث غرف مخصصة للخدم. والغرف منظّمة حول باحة خاصة ومدخل خلفي، تُحيط الأجنحة بفناء كامل يوفِّر مدخلاً لطريق، مرَّ عليه أفضل الرجال، واحد من الأجنحة ذاتها يرتفع بمقدار طابقين، وتحتوي كلٌ من الباحات الثلاث على نافورة وبحرة.
كان مكتب عنبر الإعدادية الوحيدة في دمشق، يتراوح عدد طلابها بين ٥٠٠-٦٠٠ طالب، والتعليم مجاني فيها، بينما كان القاطنون فيها يدفعون رسوم الإقامة والطعام وتحتوي المناهج: القرآن الكريم، العلوم الدينية، الفقه، اللغة العربية، ترجمة اللغة التركية، الفارسية، علوم الاقتصاد، الجغرافيا، الفلك، الحساب، الجبر، الزراعة، الرسم، الخط، الكيمياء والفيزياء والميكانيك، طبقات الأرض، النباتات والحيوانات.
بينما تولى التدريس فيه نخبة من المربِّين العرب منهم: الشيخ عبد القادر المبارك، جودت الهاشمي، محمد البزم، كامل نصري، عبد الرحمن سلام، محمد الداودي، محمد علي الجزائري، رشيد بقدونس، شكري الشربجي، أبو الخير القواص، سليم الجندي، مسلم عناية، جميل صليبا، جودت الكيال، يحيى الشماع، عاصم البخاري، وكان لهم دور في التركيز على اللغة والتراث العربيين.
#صحيفة_الثورة