على بعد ستة كيلومترات من مركز العاصمة دمشق يقع حي القابون الدمشقي الذي حوّله النظام البائد إلى مشهد من الدمار الواسع بعد أن قتل وهجّر ساكنيه.
يبدو وكأن الحياة توقفت تماماً في المكان، ولم يبق سوى الركام والصمت الثقيل الذي اخترقه أمس ضجيج أهل الحي الذين التفوا حول محافظ دمشق في جولة له على أطلال الحي الذي دمر تماماً بكل ما كان يحويه.
المحافظ أكد لأهالي الحي أن إعادة تأهيله وتحسين أوضاع سكانه، تمثل أولوية قصوى ضمن خطة العمل الحكومية، لإعادة الإعمار وتحقيق التنمية المستدامة، واعداً إياهم بتوفير الخدمات الأساسية وتعزيز الاستقرار في المنطقة، وتسهيل عودة الأهالي إلى منازلهم، وتهيئة البيئة المناسبة للحياة الكريمة.
النظام البائد كان قد استخدم في حربه على المعارضين له في حي القابون- شمالي شرق دمشق، صواريخ شديدة الانفجار، وخراطيم مُتفجرة مُخصصة لإحداث دمار كبير، بقصد هدم أكبر مساحة مُمكنة وتهجير السُكان من دون عودة، كما اشترط عدم عودة الأهالي نهائياً في اتفاق إخلاء القابون من المعارضين.
بضع عائلات كانت قد قررت البقاء في الحي ولم تغادره، فتعرضت لضغوط أمنية كبيرة أدت لإخلائها، ولعل الظلم الأكبر في تلك الحقبة السوداء حاق أكثر بصناعيي منطقة القابون الذين أجبروا على نقل منشآتهم الحرفية والصناعية، بشكل تعسفي، إلى عدرا الصناعية تحت حجج تحويل العاصمة إلى مدينة خدمات وأعمال.
وجرت حينها معركة “كسر عظم” بين الصناعيين ومحافظة دمشق، والذين طالبوا حينذاك بحقوقهم عبر الطرق والمسارب القانونية المشروعة، ومن خلال قرع كل الأبواب المتاحة قانوناً أمامهم، منذ أن بدأ التعدي على هذه الحقوق من قبل المحافظة، ومَنْ خلفها حيتان الفساد المستفيدين من المشاريع التنظيمية ذات الطابع الاستثماري التي يتم الإعلان عنها وفقاً للمخططات التنظيمية المعلنة، إلا أن معركتهم بقيت معلقة بعد أن خسروا منشآتهم بفعل التدمير الممنهج الذي استخدمه النظام البائد لإفراغ المنطقة من أهاليها وصناعييها.
واليوم وبعد أن أفل عهد الظلم والتعدي على حقوق وملكيات الشعب ينتظر أبناء حي القابون رد المظالم إليهم ليعاودوا إعمار بلدهم من جديد بمعاونة كل السوريين.
السابق