ثورة أون لاين:
تؤكد الأعمال الأدبية القديمة والمعاصرة أن لقاء حالة الاغتراب بملكة الأدب يولد منتوجا فكريا وإنسانيا غنيا يستحضر الذكريات ويصور الأحداث بتفصيل ودقة وذلك بالاستناد إلى ذاكرة المغترب غير القابلة للنسيان أو الفقدان وهذا ما جسدته المغتربة والأديبة السورية كلاديس مطر في أعمالها الأدبية التي توجت مؤخرا بإصدار مجموعتها قصص سورية الموجودة حاليا في المكتبات الأمريكية.
وتتألف المجموعة من قصص قصيرة لا يتجاوز عددها العشرين تم استقاؤها من ثلاث مجموعات قصصية باللغة العربية للأديبة مطر التي أوضحت في حديث مع سانا أن جامعة كليرمونت ماكينا في مدينة لوس أنجلوس الأمريكية عمدت إلى ترجمتها بجهود من الدكتور بسام فرنجية البروفيسور المعروف مع عدد من طلاب قسمه الذي يترأسه مضيفة “إن هذه القصص كتبت في فترات زمنية متباعدة ومتقاربة ولكنها جميعا تتحدث عن سورية الوطن والإنسان بتفاصيل أزماتنا وأفراحنا وصراعاتنا التاريخية الطويلة وتدعو في رسالة الإنسان السوري إلى تعزيز إرادته وتوجيهها لصناعة تاريخه فكل إنسان موكل إليه الكثير من المسؤوليات والواجبات التي تجعل من حياته أفضل”.
بدأت مطر مشوارها الأدبي خلال دراستها الجامعية في مدينتها اللاذقية وهي اليوم تعتبر الميول الأدبية والإبداعية موهبة تولد مع الإنسان وتكبر وتنضج معه ونتيجة حبها ورغبتها لمتابعة الدراسة والاطلاع على علوم الشعوب الأخرى اختارت الغربة التي تشكل حسب قولها عملية تذكير متواصلة بأننا هناك ولسنا هنا وأن هنا لن يكون في يوم من الأيام هناك حيث القلب والعقل .. كأنني هنا في موقف باص أنتظر وأنتظر وأنتظر وأعرف بأن مركبا ما أو عربة ما سوف تأتي لتقلني وهذا هو الشعور الوحيد الذي يخفف من كرب الانتظار.
أما بالنسبة لتأثير الغربة عليها فهي تعتقد أن ما يشفع لها أنها مصدر غنى روحي وإنساني كبيران فهي تتواصل يوميا مع عدد كبير من الجنسيات بحكم الحياة والاختلاط والعمل الأمر الذي جعل نظرتها للحياة أشمل وأعمق.
وترى مطر من خبرتها التاريخية والأدبية أن سورية موجودة منذ آلاف السنين بالرغم من الحروب والغزوات والانزياحات السكانية التي حدثت عبر التاريخ في هذه المنطقة فرغم ما يمر به وطننا من أزمات وحروب إلا أننا باقون لأن سورية الوطن والشعب مستمرة في الازدهار والتطور والتقدم من أجل بناء الإنسان.
وتعتبر مطر التضليل الإعلامي الجائر أحد الأسلحة وليس كلها والحل لا يكون بإثبات العكس للعالم كل يوم وكل لحظة وإنما بإيجاد حوار صريح وشفاف دائم حول كل ما يحصل لأن هذا يزيد اللحمة ويحصن البلد بشكل تلقائي ويتحول الشعب كله إلى جنود حماة للوطن.
ولا تهتم الأديبة بالنتاج الفكري بقدر ما يهمها الإنسان وما يفعله لاجل الحفاظ على إنسانيته فالفكر بالنسبة لها اذا لم يكن توافقيا يؤسس لبقاء أفضل للإنسان فانه لا يعول عليه منتقدة الكثير من الأعمال الأدبية لسوريين يصبون فيها الزيت على النار بشكل أهوج وغير حكيم ويحصدون مباركة الدول التي يعيشون فيها أو الجهات التي ينتمون إليها على حد تعبيرها.
ومطر التي تواصلت مع شعوب وثقافات عالمية عديدة تتطلع لتطبيق المواطنة الصالحة والسليمة في وطن تغمره المحبة والتسامح ويحميه تماسك شعبه بكل أطيافه والذي يسعى لبناء القيم الأخلاقية العالمية البديلة للنسبية الثقافية والدينية التي تزيد عزلة المجموعات المختلفة في البلد الواحد وتؤسس لانهيار المجتمع.
مطر عاشقة الكتابة والبحث والترجمة درست الأدب الفرنسي ثم درست المواد التخصصية في الولايات المتحدة الأميركية وهي عضوة في اتحاد الكتاب العرب في سورية وكذلك في العديد من الفعاليات الأدبية في مدينة لوس أنجلوس تصدر نشرة إلكترونية ثقافية شهرية باللغتين العربية والإنكليزية ولها ثلاث مجموعات قصصية بعنوان يزهر الصوان وفرح عابر ورغبة غافية وروايتان هما ثورة المخمل وقانون مريم إضافة إلى ثلاث دراسات هي خلف حجاب الأنوثة وخارج السرب وتأخير الغروب الذي ترجم مؤخرا إلى الإنكليزية.
ولمطر مشاركات نصية في عالم المسرح حيث قدمت مسرحية مونودراما بعنوان الثرثرة الأخيرة لمحمد الماغوط وعرضت في سورية والجزائر وهي تتحدث عن واقع العالم العربي في ظل الأزمات الكبرى التي نعاصرها والتي أطلق عليها اسم “الربيع العربي”.
مها الأطرش