الأديبة سعاد مكارم: حرائر سوريا الصوت الأقوى من حدّ السّيف في وجه الباطل

الثورة – رنا بدري سلوم:
عهدتها هكذا، منذ أن كانت مدرّسة في المدارس الابتدائيّة، جريئة الشخصيّة ومستنيرة الفكر، تطرح رؤاها عنّوة عن الصّمت وكمّ الأفواه، الروائيّة القاصة المعلّمة سعاد مهنا مكارم ابنة جبل الريّان الأشم تشبه صخوره بإرادتها وتصميمها على إثبات الذات كأديبة، وهبت حياتها للعلم والتنوير فبقي قلمها حراً من كل قيدٍ يصغي للضمير ويتبنّى العقل ويحتضنُ العاطفة، كتبت كل ما يجول بخاطرها وكل ما يلفت نظرها من قيم الخير والجمال، فتحدثت عن الأنثى في مجتمعها، فكانت مكارم متميّزة بين بنات جيلها الذي كان الورق والقلم وحده كرّاسته المسائيّة، وهي اليوم فخورة بكل امرأة أوصلت صوتها واصفة إيّاه بحد السّيف في وجه الباطل، صوتاً يطالب بحقوقها في ممارسة دورها الاجتماعي والسياسيّ وما لبث أن استجاب القدر لها وهي تطلّع إلى مستقبل تصنعه بيديها وفكرها الذي لم يكن مغيّباً، بل كانت تغمس قلمها بحبر دمها وتكتب الحريّة والحياة.
طبعت ونشرت مكارم أكثر من إحدى عشرة مجموعة بين رواية ودراسة وترجمة وبحثٍ تربويّ، مكملة دراساتها العليا في الأدب الإنكليزي، ثم تابعت الدراسات العليا فنالت الدكتوراه في مسرح العبث “اللامعقول”.
لم تكن ولادة الكلمة عند مكارم بالأمر اليسير، بل كانت تؤمن بأن الكلمة مسؤوليّة وحملها ثقيل، ولابد أنّ تضعها في مكانها الصحيح، لذلك كانت مقلّة في النشر تعيد صياغة أفكارها في كل مرّة، مؤمنة بمقولة، “إذا وجدت في نفسك ميلاً للكتابة ولا يعلم سرّ هذا الميل إلا القدّيسون فلتكن فيكَ المعرفة والفن والسحر، معرفة موسيقا الألفاظ وفن البساطة والسذاجة وسحر محبّة قرائكَ”.
لذا كانت مكارم في لقاءاتها الإعلاميّة تطالب بالحريّة والعدالة والمساواة في الشؤون الحياتيّة بأنها أساسيّات وليست كماليّات، رغم التعتيم عليها آنذاك في فترة يقوم المجتمع على ذكر الواجبات، فالكلمة عندها لبنة لبناء المستقبل وعلى المثقّف أن يكون واعياً لما يطرحه من أفكار، وخاصة عند الأنثى، فبعد كل اعترافٍ لها أنّها واجهت الكثير من التحديّات للوصول إلى مبتغاها في الطباعة والنشر وحجزت لنفسها مقعداً مهماً بين الأدباء، كانت تقول: “ربما أصبت وربما أخفقت”، وهذا تواضع منها قلّ نظيره بين الأدبيات والمثقفات مؤمنة بمقولة، “كل من يرفع نفسه يتّضع ومن يضع نفسه يرتفع”.
الفاضلة سعاد مهنا مكارم لم تكن يوماً أسيرة الحبر والكتب حبيسة الوحدة، بل كانت ناشطة اجتماعية تشارك أصدقاء الحبر أصبوحتهم وأمسيتهم الأدبيّة أينما حلّت فزارت معظم المحافظات متأبطة كتبها كأنها الأبناء التي لم تنجبهم.
هكذا اعتدناها الإنسانة النبيلة التي تحيط بنا بدائرة الوعي، وخاصة في المرحلة القادمة من سوريا الحرّة، التي تتّسع الجميع وتحتاج الجميع للنهوض ببلدٍ يولد من جديد، ويشرقُ من جديد من عينيّ طفل وامرأة وشاب ورجل، والقول لها، “هنا يكمن دورنا كتربويّين وكتاب ومثقفين وأولياء أمور بأن نعيد آلية التفكير، وهذا ليس بالأمر السهل والبسيط، بل يحتاج إلى وقت وجهد وتكاثف جهود الجميع، وخاصة من تم استبعاده من المشهد الثقافي خلال أعوام الثورة التي نحن اليوم نأمل أن تحقّق مراد الجميع في تطبيق شعارها في الحرية الفكريّة المسؤولة في جميع المؤسسات من دون استثناء، بعيداً عن المحسوبيّات والايديولوجيات ضيقة التفكير ومحدودة الاتجاه.
خاتمة بالقول: كل ما نكتبه هو أشجار تكتبها الأرض على السماء ونحن نقطعها ونصنع الورق منها لندوّن فيه فراغنا وبلادتنا.. لذا لنعود إلى جوهرنا الإنسانيّ فهو خلاصنا الوحيد.

#صحيفة – الثورة

آخر الأخبار
الدكتور الشرع من القنيطرة: تعزيز الكفاءة وتحسين الخدمات الصحية قطر التي لم تحد ولم تتراجع.. دعمت السوريين وعرّت جرائم الأسد تحرير الأموال المجمَّدة.. كريم لـ"الثورة": على مغتربينا الأثرياء الاستثمار داخل بلدهم ArabNews: إعادة بناء البنية التحتية أمر ضروري لتعافي سوريا  الدفاع التركية: القضاء على 14 إرهابياً شمالي سوريا وزير الداخلية التركي: عودة أكثر من 81 ألف سوري منذ سقوط الأسد قطر ترحِّب بخطوات إعادة هيكلة الدولة السورية الأمم المتحدة: ندين أي إجراءات تتعارض مع بنود اتفاقية فض الاشتباك محلل اقتصادي لـ"الثورة": رسم السياسات الاقتصادية بحاجة لرقم إحصائي أقرب للواقع الاتفاقيات الدولية الثنائية مهمة.. الرسوم الجمركية أحد التوجهات الهامة لحماية الصناعة الوطنية خبير مصرفي لـ"الثورة": الرسوم الجمركية قيد الاختبار والسوق من يحدد "روبرت بيتي": أدلة كثيرة على جرائم نظام الأسد يمكن استخدامها لتحقيق العدالة تنسيق العمل الإنساني والصحي مع "أطباء بلا حدود" جلسة في البرلمان البريطاني لمناقشة الوضع في سوريا بعد سقوط النظام البائد وفود ودبلوماسيون ومؤتمرات أوروبية.. زخم عربي ودولي للتضامن مع سوريا ودعم التعافي سوريا تجدد التزامها باتفاقية فض الاشتباك.. بعد لقاء "الشيباني وأبو قصرة" وفداً أممياً.. هل تلتزم "إس... تقديم الاستضافة ضمن الجامعة وفروعها يلامس الهموم ويتطلب التوضيح منح مهلة إضافية ٣ أشهر لطلاب الدراسات العليا جامعة دمشق .. من درجة علمية إلى أعلى في سلم التصنيفات العالمية محاصيل الحديقة الطبية لكلية الزراعة تدخل طور الإنتاج