حمص – سلوى إسماعيل الديب:
شاعر وناقد له العديد من المجموعات الشعرية، والكتب النقدية، غاص في أعماق النقد وحصل على دكتوراه في الدراسات اللغوية، وله تاريخ حافل في مجال النقد والشعر، حصل على عدة تكريمات، إنه الدكتور الشاعر الناقد وليد العرفي الذي أجرت معه صحيفة الثورة اللقاء التالي.
*حدثنا عن بداياتك التي كتبت فيها الشعر؟
بدأت علاقتي مع الشعر في مرحلة الإعدادية بمحاولات تقليد الشعراء الذين كنا نحفظ قصائدهم في كتبنا المدرسية، ولا أنسى في هذا السياق تشجيع مدرس اللغة العربية الذي كان يشيد دائماً بموضوعاتي في التعبير الإنشائي، وأذكر في هذا السياق حادثة رسخت لدي حب الشعر عندما اختلفت مع مدرسي حول بيت من الشعر، فصوبت خطأ المدرس ليملي على زملائي ما ذكرته، وأثنى على حسن تدبري وفهمي للبيت الذي طلب مني أن أمليه على زملائي، ليدونوه على دفاترهم.
*ما أنماط الشعر التي تجد نفسك فيها؟
استهواني الشعر التقليدي، وقد جذبني فيه الإيقاع واللغة، والروح الشعرية، وهو ما جعلني أكتب نمط قصيدة العمود مدة لا بأس بها من الزمن، ثم بدأت إرهاصات شعر التفعيلة تظهر لدي، فكتبت على هذا النمط من دون أن يكون ذلك رفضاً أو تخلياً عن القصيدة العمودية، وفي هذا السياق أؤكد أنني لست مع أو ضد نمط من التعبير، فما يعنيني: الشعرية سواء أكانت على نظام الفراهيدي، أم شعر التفعيلة، فالمعيار الأهم درجة شعرية القصيدة بغض النظر عن شكلها الذي غالباً لا يكون عن سبق إصرار من الشاعر، إنما تفرضه الحالة النفسية والتعبير الانفعالي بها، ولذلك كتبت في أنماط القصيدة المختلفة.
*أنت ناقد بالإضافة إلى كونك شاعراً، كيف يسهم كل منهما في تطوير الآخر؟
عندما يلتقي الناقد والشاعر معاً، فهذا يسهم إلى حد بعيد في جعل الشاعر أكثر صرامة مع القصيدة، ويصبح مبضع الناقد أسرع من قلم الشاعر في عمله، وأكثر إيلاماً أيضاً.
*فزت بأكثر من جائزة في مسابقات الشعر والنقد، هل تعتقد أن هذه الجوائز تمنح الكاتب جواز سفر لتسميته أديباً ومبدعاً، وماذا تضيف هذه الجوائز برأيك؟
تكون الجوائز علامات فارقة، ونتائج تراكمات تجربة سابقة، هي ليست جواز سفر، إنما شهادات ثناء وتقدير ، وتوثيق لمسار تجربة، لذا فإن الجائزة لا تمنح جواز سفر، بقدر ما تسلط الضوء على ما كان معتماً أو مُعتَّماً عليه ــ اللهم إن كانت الجائزة حيادية وموضوعية، وغير ذات هوى، وآخر ما حصلت عليه من الجوائز المركز الأول في مسابقة النقد الأدبي، والمركز الثاني في مسابقة الشعر القديم الذي نظمته جمعية تنوير ثقافة الحوار العام الماضي.
*أنت حائز على دكتوراه في الأدب العربي اختصاص (الدراسات اللغوية) ما الذي أغراك للبحث في هذا المجال؟
يُعدُّ الدرس اللغوي أساس كل العلوم الأخرى التي وجدت، ولولا اللغة ما وجد الإبداع اللفظي، فلا يمكن النظر إلى الأدب بمعزل عن اللغة التي أنشأته وقام على أساسها، غير أن الاختصاص كان نتيجة الوعي بأن اللغة هي الجذر الذي يمكن أن تتفرَّع عنه جميع الأغصان وما تحمل من أزهار وثمار، ولذلك اخترت الجذر، لا الغصن، وآثرت النبع ولم اختر الفرع، كما رغبت ماء النبع لا الفرع.
*تقول في أحد لقاءاتك: كل قصيدة أكتبها أعدها بداية جديدة، هل يعني أنك ما زلت تتهيب كتابة القصيدة، وأنت دكتور في الأدب العربي؟
البداية في قولي السابق بمعنى الرغبة في تجاوز الذات، ومحاولة الإتيان بما هو جديد من دون تكرار لما قيل، وإعادة ما هو كائن، وهذه الرغبة تجعل الشاعر في حالة توتر أسميه التوتر الخلَّاق الذي لا يركن إلى ما هو مألوف ومكرر، ولذلك تجنح الذات إلى محاولة التحليق بعيداً، متجاوزة إمكانيات اللغة باختلاق لغة جديدة، وهذا التحليق يؤدي إلى خلق مهابة من التحليق الذي لا يعرف مدى قدرته على استكناه النفس، والتعبير عن مكنونات الروح التي قد تضيق اللغة عن التعبير بما تحس بـه وتعيشه، وبذلك تبدو القصيدة وليدة عملية مخاض لا شك أن معاناته تستوجب التوتر والقلق الدائمين، كما هي الحياة التي لا يمكن أن تتوقف عن الحركة إلا بتوقفها النهائي في دورة الزمان.
أخيراً: الدكتور وليد العرفي من مواليد مدينة حمص عام ١٩٦٦، عضو في اتحاد الكتاب العرب، ولديه العديد من المجموعات الشعرية والنقدية.
#صحيفة_الثورة