لعلّي أصف لسان حال الأم في عيدها الربيعيّ كامرأةٍ مزهرةٍ، يعجز الأبناء في وصفها وتقديم الهدايا التي لا تقدّر بثمن عطائها على امتداد تضحيتها وتفانيها في القيام بفطرتها كأمّ وامرأة قادرة على تحمّل المشقّات، ولعلي أيضاً أعود بكم إلى اللحظات الأولى التي أصبحت البعض منّا أمّهات حين اعتقدنا أنّ الطفل هو مكافأة إلهيّة- ندعو الله ألا يحرمها لامرأة في الكون- حقاً هديّة.
طفلٌ نخاطبه وهو مغمض العينين، أو ربما نخاطبه ونحن نجهز الأشياء لقدومه، وندعو الله أن يكون بقدر الجمال والكمال اللذين نحلم بهما، فأخاطبه بحنو الأمومة: لقد غفوتَ مع أحلامي لتكبر، أسهرتني الليالي لئلا أضجر! يا قرّة عيني، يا أجمل ما خلق الله وصوّر، أدفأت برد عذوبتي بشتائي الذي أمطر، رويت صحراء قاحلة وكم صليّت بأن تحضر!
ولدّتُك.. مع طلقات امرأة في بركان، ليستجدي صراخكَ أوجاعي المتراكمة في إنسان.. يوم ولدتك نزع التاريخ أوراقه وتلاشى الدّمع بالنسيان، رداؤك الصّوف وتلك القبعة أشياؤك الصغيرة المبعثرة حاكتها يداي بعينين دامعتين تنتظرك لتحتلّ زماني والمكان، فمن أنجبتكَ هي “الأم” التي لن تُخلق في الدنيا مرتين، هي في الأرض “رحمٌ” وفي السّماء “وصيّة الرحمن” تُشهدك أن تصون أمانتي أن تبقى في الوجدان “إنسان”.
أعذر بني جهل أميّتي، فحناني لم تكتبه الأقلام.. يا من أهديتني وسام أمومتي يكفيني بأنك هديّتي وفيكَ البر والإحسان.
