العيون مشدوهة اليوم لأن تعود البوصلة إلى مكانها، وترنو لأن يعم السلام والأمن على البلاد والعباد، وأن يعلو صوت العقل فوق الضجيج والأصوات النشاز التي تتلقن و تنبعث من هنا وهناك غير آبهة بالعواقب.
الصدق من الإيمان كالرأس من الجسد، وإذا كان الإيمان بالقيم والمبادئ صحيحاً، يشع نور الصدق من القلوب، وتنطفئ نيران الفتن، ويخمد جمر الأحقاد، عندها يتم ترميم وبناء ماتهدم وإصلاح ما تعطل من ثقة وأمل.
فالأوطان لاتبنى بالثأر والانتقام،
ولا شعب ينهض بالكراهية، ومن الضروري أن تكون المحاسبة تحت سقف القانون وتحكيم الضمير، وألا تزر وازرة وزر أخرى، فيعم الوعي بالمحبة، ويتعالى البنيان بالإيمان، لأن الحق لا يموت.
أما وقد انحدر البعض أخلاقياً معولين على الغير، وقد اهتزت ثقتهم بأبناء جلدتهم من خلال النشر اللامسؤول، والتلفيق اللامعقول، والإشاعات السامة لأهداف دنيئة، فذلك هو الانحدار غير المسبوق والانفلات والتهجم والتخوين ورمي سهام الكراهية عبر ساحات السوشيال ميديا.
إن غياب الإعلام الصادق في أحلك الحالات والظروف، و أكثر اللحظات حرجاً يموّت الحقيقة، ويعلو صوت الباطل، في وقت نحن فيه أحوج ما نكون لإعلاء كلمة الحق ونطقها مهما تسبب من إزعاجات لأصحاب المصالح والغايات، في وقت بات فيه أيضاً اقتطاع أجزاء من الأخبار وسيلة لنشر الخراب والتضليل،
وافتعال وتداول الأكاذيب لتأجيج الفتن وبثّ الحقد بين أبناء الوطن الواحد موضة العصر، وعمل من لاعمل له، بدل أن ينشر الحقائق كما هي، بلا كذب أو مبالغة أو نقصان، حيث تحولت بعض المنصات إلى أدوات لنشر مختلف الروايات، وصار بعض من يُطلق عليهم “إعلاميون” شركاء في هذا الانحدار الأخلاقي، وهم في الواقع يتسلقون على الأكتاف رافعين شعارات مضادة تعبر عن أفكارهم الحاقدة.

التالي