الثورة – ميساء العلي:
هل تنخفض الرسوم على السفن والنقل البحري بعد إعلان توقف الحرب بين إيران وإسرائيل، خاصة أن شركات التأمين على السفن والنقل البحري، كانت قد أعلنت قبل أكثر من أسبوع زيادة رسوم التأمين على الشحن البحري بنسبة 20 بالمئة إضافية، واستمرت تكلفة التأمين في الارتفاع على مدى الأيام الـ10 الماضية.
يقول المستشار التأميني المهندس سامر العش لـ”الثورة” حول أزمة التأمين البحري: إن هناك تحولاً نوعياً في المخاطر يهدد التجارة العالمية جراء الارتفاع الحاد في أسعار التأمين البحري ليس رد فعل لحظياً للتوترات الأمنية في الخليج والبحر الأحمر، بل يعكس تحولاً نوعياً في طبيعة المخاطر التي تهدد خطوط الشحن الحيوية عالمياً مع المخاوف من إغلاق مضيق هرمز أو استهداف السفن لم تعد فرضيات مستبعدة، وهي احتمالات محسوبة، ما يدفع شركات التأمين إلى إعادة تقييم جذرية لتسعير بوالص التأمين.
250 بالمئة تضخم الأقساط
من منظور تأميني -وبحسب العش- يشير ارتفاع الأقساط بنسب تصل إلى 250 بالمئة إلى تضخم “مخاطر الحرب”، التي لم تعد تقتصر على النزاعات التقليدية، بل تشمل الهجمات السيبرانية، التشويش الإلكتروني، والعمليات غير المعلنة من أطراف إقليمية، وهذا يستلزم تطوير نماذج تسعير ديناميكية تُحدَّث يومياً، بدلاً من الاعتماد على بيانات تاريخية لم تعد تعكس واقع الملاحة البحرية.
وبالنسبة إلى شركات الشحن يقول المستشار التأميني: “تمتد تداعيات هذه التكاليف إلى ما هو أبعد من الجانب المالي، إذ تؤثر مباشرة على قرارات تشغيل الأساطيل وتفرض إعادة رسم الخرائط اللوجستية”.
بدائل
ويضيف: إن البدائل مثل خط رأس الرجاء الصالح رغم إغرائها، تبقى حلولاً طارئة باهظة التكلفة زمنياً ومادياً، ولا تمثل استراتيجية مستدامة، في حين أن الأخطر، هو التأثير المتسلسل على الأسواق العالمية، إذ تمر نسبة كبيرة من النفط والغاز والسلع الأساسية عبر هذه الممرات أي تعطل فيها يهدد الاقتصاد العالمي، خاصة مع غياب رؤية دولية واضحة لمعالجة هذه التهديدات أمنياً ودبلوماسياً.
ويتابع: إن الاستجابات الحالية للحكومات والمؤسسات الدولية تبدو جزئية وغير منسقة، بينما يتطلب الوضع تعاوناً إقليمياً لتعزيز الأمن البحري، تفعيل قواعد الاشتباك السلمية، وتطوير آليات ردع دون تصعيد فالوضع الحالي يتجاوز التقلبات السوقية، إذ يُعيد تعريف المخاطر في التأمين البحري ويعقّد معادلات التسعير والتشغيل.
المطلوب- كما يرى العش- ليس فقط إدارة التكاليف، بل بناء قدرات استباقية للتكيف مع واقع بحري متغير، إذ يمكن تحويل هذه الأزمة إلى فرصة لإعادة هيكلة صناعة التأمين والشحن في المنطقة من خلال نماذج تأمين مبتكرة واستراتيجيات لوجستية مرنة، شريطة وجود إرادة دولية لاستعادة الاستقرار الإقليمي.