“كان يا ما كان في غزة”.. يحصد جائزة أفضل إخراج في مهرجان كان

الثورة – أحمد صلال:

يلتقي يحيى، الطالب الطموح بأسامة، تاجر المخدرات الجذاب ذو القلب الكبير، في غزة عام ٢٠٠٧، ويبدآن معاً عملية تهريب مخدرات خفية في محل الفلافل المتواضع، لكنهما يلتقيان بشرطي فاسد يأتي لإحباط خطتهما.

“كان يا مكان في غزة “Once Upon a Time in Gaza” عنوانٌ يُلبي ضرورتين أساسيتين..

أولاً: بينما يستمر التدمير الممنهج لهذه الأرض وسكانها منذ زمن طويل، فإنه يُنبئ بثروة من الذكريات، المؤلمة والسعيدة.

ثانياً: يُجري الفيلم ما يُشبه إحصاءً سكانياً على شكل فيلمٍ يُشبه فيلم الإثارة والغرب الأمريكي، إذ تُحسم النزاعات بالأسلحة النارية، منذ ظهورهما الأول في السينما.

اعتاد الشقيقان التوأمان عرب وطرزان ناصر، على الرغم من أنهما لم يعودا يقيمان في غزة منذ زمن طويل، على تعريفنا بحياة غزة والغزاوي، نساء عالقات في صالون للحلاقة لعدة ساعات في فيلم “Dégradé” عُرض في اسبوع نقاد كان السينمائي لعام ٢٠١٥، وهو كوميديا رومانسيةٌ حلوةٌ ومرّةٌ تدور حول زوجين مُسنّين من غزة في فيلم “غزة مع حبي”، عُرض في قسم “آفاق” بمهرجان البندقية السينمائي لعام ٢٠٢٠، وهكذا، عُرض هذا العام فيلم “كان يا مكان في غزة” في قسم “نظرةٌ ما” بمهرجان كان السينمائي، حيث فاز بجائزة أفضل مخرج.

في الواقع، بدأ الأخوان ناصر العمل على هذا الفيلم قبل وقتٍ طويل من الهجوم الذي شنّته حماس في ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، وما تلاه من أعمالٍ انتقاميةٍ نفذتها إسرائيل.

قررا منذ البداية أن تدور أحداث فيلمهما في عام ٢٠٠٧، أي العام الذي تلا فوز حماس في الانتخابات التشريعية، وهو فوزٌ سرعان ما أدى إلى حصارٍ إسرائيليٍّ لغزة.

ورغم هذا الوضع من العزلة، ورغم آثار هذا الحصار، كانت الحياة صعبةً بلا شك في غزة، لكنها كانت ممكنةً بفضل موهبة الحيلة التي يُجيد سكانها إظهارها.

يروي الفيلم ثلاث شخصيات رئيسة، أسامة، الذي يُدير محل فلافل، بالإضافة إلى تورطه في تهريب حبوب الأفيون التي يُحصل عليها بفضل وصفات طبية مسروقة من طبيب وتُخبأ في الفلافل لتوصيلها إلى الزبائن، ويحيى الذي يعمل معه في صناعة الفلافل، وأبو سامي، ضابط شرطة مخدرات، ويرغب في أن يصبح أسامة مُخبراً له، أسامة محتال، لكنه محتال ذو قلبٍ كبير. يحيى رجلٌ دافئٌ، وحنون، يسعى قبل كل شيءٍ إلى استقلاليّته، يحيى شابٌّ منعزلٌ، مكتئبٌ بعض الشيء، وهو أمرٌ مفهومٌ عندما نرى أن جميع طلباته لمغادرة غزّة، ولو لبضع ساعات، لزيارة عائلته القريبة جغرافياً، تُرفض رفضاً ممنهجاً من قِبل إسرائيل، من دون أي سبب. أبو سامي شرطيٌّ فاسد، سريع الغضب، يحسد أسامة على استقلاليته.

في الواقع، نجد في فيلم “كان يا مكان في غزة” ثلاثي شخصيات فيلم “الطيب والشرس والقبيح”: يحيى الطيب، وأبو سامي الشرير، وأسامة القبيح، سنلاحظ أنه إذا كانت الشاشة في فيلم “ديغرادي” تقتصر على النساء، وإذا كانت في فيلم “غزة مع حبي” مساواة تامة بين الرجال والنساء، من خلال هذه العلاقة بين الخياطة والصياد، فإن هذا الفيلم يتميز هذه المرة بغياب الشخصية النسائية التي يصنعها الأخوان ناصر.

قد يُتيح فيلم “كان يا ما كان في غزة” لبعض المشاهدين غير المطلعين رؤية المعاملة اللا إنسانيّة التي يلقاها سكان غزّة، بفضل بعض المشاهد، إلا أنه لا يسع المرء إلا أن يأسف لأنه في ظل الأحداث الدراميّة التي تشهدها غزة منذ أشهر، فإن هذا الفيلم الذي اضطر الإخوان ناصر إلى تصويره في الأردن ليس سوى مزيج عادي من الإثارة والغرب الأميركي، خاصة وأن النصف الأول منه يفتقر إلى الإثارة، لحسن الحظ، يتبين أن النصف الثاني أكثر تشويقاً، عندما يُطلب من يحيى، بعد عامين، في عام ٢٠٠٩، لعب الدور الرئيسي، وهو بمثابة رامبو، دور البطل الوطني، في فيلم أكشن بعنوان “المتمرّد”، وهو “أول فيلم أكشن يُصوّر في غزة”، من تأليف وإنتاج السلطة القائمة لأغراض دعائيّة، ولكن ما يسميه أحد المنتجين “غزة وود” لا يملك الوسائل اللازمة لاستخدام المؤثرات الخاصة، والممثلون مجبرون على استخدام أسلحة حقيقية، من السهل جداً العثور عليها في غزة، أسلحة غير محمّلة بالذخيرة الفارغة، مع العواقب التي يمكن أن تترتب على ذلك.

يشارك في بطولة الفيلم عدد من الممثلين البارزين، من بينهم نادر عبد الحي، الذي عُرف بأدائه في فيلم “فرح”، ورمزي مقدسي، أحد أبطال فيلم “اصطياد أشباح” الحائز على جائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان برلين، إلى جانب مجد عيد، الذي شارك في فيلم “عنكبوت مقدس” الفائز بجائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان كان.

أما المشروع السينمائي المقبل للأخوين ناصر، فيتناول حكاية ثلاث نساء من غزة تتقاطع طرقهن في خضم واقع قاس، ويكشف عن نضالهن اليومي وتحدياتهن المستمرة من أجل البقاء، ويسلط الضوء على قوتهن وصمودهن في الدفاع عن أبسط حقوقهن في الحياة.

آخر الأخبار
تعاون متجدد بين وزارة الطوارئ واليونيسف لتعزيز الاستجابة تبادل الخبرات والاستثمارات السياحية مع الإمارات اجتماعات وزارية مشتركة في الرياض.. فرص استثمارية واعدة وتعاون زراعي استكمال مشروع دار المحافظة بدرعا ينطلق من جديد حماة تستعد لانطلاق مهرجان ربيع النصر إدخال بطاطا وخضار مستوردة يلحق خسائر  بمزارعي درعا طرطوس تبحث رؤيتها الاستثمارية والتنموية أبناء عشائر السويداء يؤكدون حقهم في العودة لمنازلهم وأراضيهم منصة صحية ومركز تدريب سعودي- سوري مستشفى دمر التخصصي بالأمراض الجلدية يفتح أبوابه لخدمة المرضى الاستثمار في سوريا قراءة في تجارب معرض دمشق الدولي الليرة تتراجع والذهب يتقدم "تجارة حلب".. إعادة تنشيط الحركة الاقتصادية مع وفد تركي "إدمان الموبايل".. خطر صامت يهدد أطفالنا د. هلا البقاعي: انعكاسات خطيرة على العقول السباق النووي يعود إلى الواجهة.. وتحذيرات من دخول 25 قوة نووية جديدة ترامب: اتفاق وشيك لوقف إطلاق النار في غزة.. و"حماس" مستعدة للتفاوض الحرب الروسية - الأوكرانية.. بين "التحييد الاستراتيجي" والتركيز على "العمليات الهجومية" أسماء أطفال غزة تتردد في شوارع مدريد العراق يعيد تأهيل طريق استراتيجي لتنشيط التجارة مع سوريا التحولات السياسية وانعكاسها على رغبة الشباب السوري المغترب بالعودة