الثورة – رفاه الدروبي:
تتمتَّع دمشق بتاريخ عريق في الحرف اليدوية، وتتفرَّد بالحفر بأنواعه المختلفة والذي يعود ازدهاره إلى العصرالأموي، لكن انتعش في دمشق كثيراً مطلع القرن التاسع عشر، ويعتبر الفنان جرجي بيطار مؤسِّس فن تنزيل الصدف والنقش على الخشب الدمشقي في شكله الحديث، تاركاً بصمته الخاصة.
كما أتقن شيخ الكار سمير العليان مهنة الحفر على الخشب، الموزاييك بعد أن تعلَّمها من أحد أصدقائه ليستمرَّ في ممارسة الحرفة أربعة عقود ونصف، حتى أصبح عضواً معتمداً في لجنة تقييم الحرفيين الجدد للحرف التراثية.
كذلك دأب العليان على تعليم مهنته لإخوته وأولادهم من الجيل الصاعد، فشكَّلوا ورشة عمل متكاملة، ويتركَّزعملهم على تنفيذ الرسومات المختارة والمراد تنفيذها، لكن غالباً ما تكون من العصر الأموي حتى يومنا الراهن، وأحياناً تكون مبتكرة من عصور عدَّة، ولا يمكن تنفيذها إلا مرَّة واحدة حسب الطلب.
وأوضح شيخ الكار العليان أنَّ ورشتهم أصلحت بيوت قديمة في حي مئذنة الشحم، ونفَّذت قصوراً داخل وخارج البلد، إضافة إلى الديكور الداخلي لسفارات في نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، وأجمل ما نفَّذه مرآة بيضاء اللون طولها ثلاثة أمتار، تتجسَّد في تاجها ملحمة تاريخية عبارة عن حرب سيوف وشعارات مقتبسة من القرنين الثامن والتاسع عشر الميلاديين.
وأشارإلى أنَّ العمل يجري بشكل يدوي بالكامل، ولا يمكن للآلة الدخول أثناء تنفيذ العمل، إذ يبدأ باختيار الرسم ثم تنفيذه على الورق، ونقله على الخشب فتكون مرحلة الحفر بوساطة أزاميل خاصة، وكلّ رسم له قطعة مختلفة عن الأخرى، فيما يتمُّ بعد ذلك تنزيل خيط الفضة عليها بعد حفر الرسم المحيط بالخيط المُزيَّن على الخشب.
وأضاف: إنَّه يستخدم أنواعاً محدَّدة من الأخشاب، وخصَّ بالذكر: “الزان، والجوز”، المتوفِّران في بلاد الشام، لأنَّ نوعيَّة الخشب تسمح باحتضان المادة الدخيلة لاستخدام الأصداف عليها، فيما يمكن المحافظة على القطع لمدد طويلة، إضافة إلى أنَّ الحفر أثناء العمل يصبح سهلاً من دون أن يُصيبها بالتفسُّخ.
أمَّا بالنسبة لمادة الصدف فيحصلون عليها من منطقة الفرات أو يتمُّ استيرادها من الفلبين، إذ يربُّونها في مزارع للحصول على اللؤلؤ بينما تبقى القواقع المتبقِّية “الصدفة” المتميِّزة بحجم كبير، ولا يُمكن استخدام الأنواع الموجودة في منطقة البحر المتوسط لصغر حجمها.