الثورة – زهور رمضان:
تعد الرضاعة الطبيعية من أفضل الوسائل التي تخدم فيها الأم رضيعها حين يخرج للنور، وتوفر له العناصر الغذائية الأساسية ناهيك عن الفوائد الصحية والنفسية التي تترك أثراً مهما في حياة الطفل الرضيع.
لقد خلق الله المرأة على الأرض وأكرمها بنعمة الأمومة التي لا تكتمل إلا بعد ولادتها لطفلها، ثم تبدأ تجاربها في مرحلة الأمومة التي تتمثل بإرضاع طفلها الصغير والعناية به، علماً أنه تختلف مدة الرضاعة الطبيعية من طفل لآخر، ولكن في المتوسط يستغرق حديثي الولادة من 20- 45 دقيقة في الرضعة بمعدل 10- 20 دقيقة تقريباً لكل ثدي، ما يترتب على الأم من أعباء كثيرة، وإن كان لافتاً خلال السنوات الماضية بدأت الأمهات بالاعتماد على الرضاعة الصناعية لأسباب مختلفة تتنوع بين تعرض الأم لوعكات صحية منعتها من إكمال رضاعة ابنها طبيعياً أو لأسباب أخرى، إذ اضطرت بعض الأمهات إلى العمل خارج المنزل ما أجبرها على الاستعانة بالرضاعة الصناعية التي تعتمد على استخدام حليب الأطفال الصناعي كبديلٍ لحليب الأم لأسبابٍ متعددة، كما ذكر آنفاً، فهو يحتوي على معظم المُغذيات الضرورية لنمو وتطور الطفل، إلا أنه يفتقر للأجسام المضادة الموجودة في حليب الأم، ومن المهم تحضيره بالطريقة الصحيحة، لضمان صحة الرضيع مع الحرص على عدم الإفراط في استخدامه كي لا يؤثر سلباً على الطفل على المدى البعيد.
سهل الهضم
وللتعرف على أهمية الرضاعة الطبيعية للطفل مقارنة بالصناعية التقت صحيفة الثورة اختصاصي الأطفال الدكتور هيثم محمود إبراهيم، مؤكداً أن الرضاعة الطبيعية هدية ثمينة صحية وعاطفية للأم، وتستطيع إرضاع طفلها منذ ولادته بغذاء مثالي لأن تركيبة حليبها تتكيف مع احتياجات الطفل في كل مرحلة عمرية (اللبأ- الحليب الانتقالي- الحليب الناضج)، كما أنه يعزز المناعة، فالطفل يحتاج إلى أجسام مضادة يحصل عليها عن طريق اللبأ الذي يحميه من التهابات الأذن والتنفس والمعدة والمسالك البولية والأكزيما والحساسية، وكذلك يقلل من خطر متلازمة الموت المفاجئ للرضع (SiDS).
وأضاف الدكتور إبراهيم: إن حليب الأم يتميز بأنه سهل الهضم ويقلل من مخاطر الإمساك والمغص والارتجاع.
وعن أهمية الرضاعة للدماغ أجاب ابراهيم: يوجد في حليب الأم أحماض دهنية أساسية (DHA)، وهي ضرورية لنمو الدماغ والعينين وتخفف من السمنة والسكري لدى الأطفال، وتعيد الوزن إلى الطبيعي بعد أن تحرق السعرات الحرارية الإضافية عندهم.
فوائدها للأم
أما عن فوائد الرضاعة الطبيعية للأم قال الدكتور هيثم: الرضاعة الطبيعية تقلل لدى المرأة من خطر الإصابة بسرطان الثدي وسرطان المبيض أيضاً، وكذلك يحمي الأم من الإصابة بهشاشة العظام وأمراض القلب والسكري.
وعند سؤاله عن مخاطر التحول من الرضاعة الطبيعية إلى الصناعية، بين أنه من الواجب على الأم عندما تريد التحول إلى الرضاعة الصناعية أن تخبر الطبيب لأن ذلك يجب أن يكون بطريقة مدروسة ومتوازنة، بحيث لا يشكل تراجعاً سلبياً على حياة الرضيع، وعلل كلامه أن ترك الرضاعة الطبيعية يزيد عند الطفل من خطر الالتهابات لأنه يفقد المناعة التي يوفرها حليب الأم، كما أنه يزيد من احتمالية إصابته بنزلات البرد والإسهال، هذا مع إمكانية الإصابة بأمراض الحساسية خاصة إذا كان هناك تاريخ عائلي.
وتابع حديثه: إن الحليب الصناعي قد يكون أصعب هضماً وأكبر تكلفة مالية للأسرة، وقد يفقد الطفل بعض فوائد النمو المعرفي، ولكن في بعض الأحيان لا بد منه لضرورات عند الأم والطفل، لذلك إذا قررت الأم التوقف أوالتكميل بالصناعي لأسباب نفسية أو صحية أو عملية فهذا قرار مقبول تماماً لأن الأم السعيدة هي أم جيدة والطفل بحاجة إلى أم سعيدة ومستقرة نفسياً أكثر من أي شيء آخر.
وأشار د. إبراهيم إلى أن الرضاعة الطبيعية تعزز الثقة بالأمومة وتربط الطفل بأمه وأيضاً تقلل من خطر الاكتئاب لدى الأم بعد الولادة، فيما نصح الطبيب الأم إذا ما قررت فطام ابنها أن تتوقف بشكل تدريجي وذلك لتجنب احتقان الثدي والتهابه، ولتسهيل الأمر على الطفل عليها استشارة طبيبها أو طبيب رضاعة حول أفضل طريقة للفطام.
دعم واحترام الأم
في الختام أكد الدكتور إبراهيم على أهمية الرضاعة الطبيعية، فهي منحة ثمينة للأم وطفلها بفوائد مؤكدة علمياً، لكنها ليست خياراً ممكناً أو مناسباً للجميع، وإيقافها يعني فقدان هذه الفوائد المستمرة لطالما يعرض الأم لبعض المخاطر الصحية الإضافية مقارنة بالاستمرار فيها، لذلك الأهم هو اتخاذ القرار المستنير الذي يراعي صحة الأم الجسدية والنفسية وصحة الطفل والظروف الحياتية، ومن الواجب دعم الأم واحترام خياراتها، فهذا هو الأساس لتربية طفل سعيد ومعافى بغض النظر عن طريقة إطعامه.