لا شيء إلا ويتغير، “الحقيقة الوحيدة هي التغيير”، مهما عصفت بنا الحروب وألمّت بنا الكوارث والتحوّلات الاجتماعية بكل انعكاساتها المؤلمة، سنخرج من صدماتها مجبرين على التعافي لا محالة، يحقّ لنا ذلك، وعلينا الدعوة إلى ذلك معاً، وليس بالأمر السهل أن نتعافى معاً!.
وباعتبار أن الثقافة صورة لإنسانيتنا السمحاء لا بدّ أن نتعافى بها ومعها، نستعيد هويّتها، بدءاً من حفاظنا على أصالتها وتراثها الثقافي، كحماية مواقعها التاريخية والمباني الأثرية والفنون التقليدية والحرف اليدوية، مروراً ببناء العقول، ورؤية الانتماء الثقافي بمداركه الواسعة لنشجع على التعبير عن الذات، ونستعيد القصص والتاريخ المشترك والمشرّف للمجتمع بأكمله.
فما أحوجنا اليوم إلى تعزيز التماسك الاجتماعي.. فالتعافي يكمن هنا في بناء جسور التواصل بين المجموعات المختلفة في الآراء والأفكار والمفاهيم، علينا تعزيز الحوار الهادف والتفاهم المتبادل، والعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة، في بيئة إيجابية شاملة تعزز التنوع وتشجع التبادل الثقافي، تلبية لاحتياجاتنا النفسية والاجتماعية وتحقيقاً لما يسمى الرفاهية الثقافية التي تطمح لها الشعوب المتحضّرة.
ولا يمكن أن نقول تعافياً إلا إذا استخدمنا الفن كوسيلة تعبيرية.. وسيلة جمالية قوية الأثر تحكي بحرية عن المشاعر والأفكار، ويمكن أن يلعب الفن دوره من خلال إحياء الذاكرة الثقافية، بل وتأريخها وتوسيع آفاق الحوار وفتح أبواب المستقبل، بعد اعترافنا أننا منهكون، تعبون من ويلات الحرب وآثارها وأمراضها النفسية، علينا أن نستعيد عافيتنا، وبناء استحقاق ذاتي يعيد لنا توهّجنا الداخلي المرتبط بالقيم والأخلاق والمبادئ الإنسانية التي تشكل ثقافتنا الحيّة.
لندرك أنه يجب أن نتعافى معاً.. هي خطة وطنيّة جامعة وشاملة تضمنّا جميعاً، لنتشارك مرحلة النقاهة والبناء والنهوض الذي يشهده اليوم بلدنا الحبيب.