الثورة – بسام مهدي:
في عصر التحول الرقمي، أصبحت خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، أو ما يُعرف بـ”الإنترنت الساتلي”، من أكثر الابتكارات التي تُثير الجدل، نظراً لقدرتها على إيصال الاتصال بالشبكة حتى إلى أكثر المناطق عزلة في العالم.
ومع ذلك، يختلط هذا الجدل في سوريا بين الأمل في الاستفادة من هذه التقنية، والتحذيرات من استغلالها في عمليات الاحتيال واختراق البيانات.
الإنترنت الساتلي
إن الإنترنت عبر الأقمار الصناعية هو خدمة اتصال بالشبكة تُقدَّم باستخدام أقمار صناعية تدور في الفضاء، بدلاً من الاعتماد على البنية التحتية الأرضية مثل الألياف الضوئية أو الأبراج الخلوية.
يعتمد المستخدم على طبق استقبال (Dish) وموديم خاص للتواصل مع القمر الصناعي، الذي ينقل البيانات من وإلى محطات أرضية مرتبطة بالإنترنت العالمي.
تُستخدم هذه التقنية في عدة دول لتغطية مناطق نائية أو ذات بنية تحتية ضعيفة، مثل مناطق النزاعات أو الكوارث التي تعطل الشبكات الأرضية كما في سوريا.
من أبرز مزودي هذه الخدمة عالمياً شركات مثل Starlink التابعة لـ”سبيس إكس”، وViasat، وHughesNet.
فوائده
في الحالة السورية، يمكن أن يكون للإنترنت عبر الأقمار الصناعية أهمية خاصة:
أولاً، ربط المناطق المعزولة التي لا تصلها الشبكات الأرضية بسهولة.
ثانياً، دعم المؤسسات التعليمية والطبية في الأرياف والمناطق النائية.
ثالثاً، ضمان الاتصال في حالات الطوارئ والكوارث حين تتعطل البنية التحتية.
رابعاً، خدمة الأعمال والمشاريع التي تتطلب اتصالاً مستقراً في مناطق بعيدة.
تشير وزارة الاتصالات السورية إلى أن توفير الإنترنت الساتلي يحتاج تجهيزات تقنية خاصة (أطباق استقبال، موديمات متوافقة، وإعدادات فنية معقدة)، وهو أمر لا يمكن تشغيله على الهواتف المحمولة مباشرة، كما تفرض هذه الخدمة عادةً موافقات تنظيمية وأمنية لضمان الاستخدام الآمن والقانوني.
إضافة إلى ذلك، هناك اعتبارات سيادية وأمنية، إذ إن الاتصال بالأقمار الصناعية قد يتم خارج رقابة الشبكات المحلية، ما يفتح مجالاً لاستخدامات مخالفة للقوانين أو تهديدات للأمن السيبراني.

الإعلانات والتطبيقات المشبوهة
مؤخراً، أصدرت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد تحذيرات من تطبيقات ومواقع تزعم توفير الإنترنت الفضائي مجاناً، أو من دون تجهيزات، موضحة أن هذه الإعلانات في الغالب محاولات احتيالية تهدف إلى:
أولاً، اختراق الحسابات الشخصية والمصرفية.
ثانياً، سرقة بيانات المستخدمين.
ثالثاً، تثبيت برمجيات خبيثة على الأجهزة.
وأوضحت الهيئة أن الاتصال الفعلي بالإنترنت الساتلي لا يمكن أن يتم عبر تطبيق محمول فقط، وأن أي إعلان يروج لذلك يُعد تضليلاً للمستخدمين.
وتتضمن إجراءات الحماية التي أوصت بها الهيئة:
أولاً، عدم تحميل أو تثبيت أي تطبيقات غير موثوقة تزعم تقديم الإنترنت الساتلي.
ثانياً، عدم مشاركة البيانات الشخصية أو المصرفية عبر هذه المنصات.
ثالثاً، الأمان الرقمي مثل التحقق بخطوتين، من إعدادات “واتساب”، مع اختيار رمز “PIN” المكون من 6 أرقام، وإضافة بريد إلكتروني لاستعادة الحساب.
خامساً، الحذر من التعامل مع أي رسائل تطلب منهم مشاركة رمز التحقق OTP بـ”واتساب”، وفي حال استلام المستخدم رسالة تحقق لم يتم طلبها من قبله مسبقا، يجب تجاهلها فوراً وعدم إدخال الرمز.
تطوير البنية الرقمية
إن الإنترنت عبر الأقمار الصناعية يمثل فرصة حقيقية لتطوير البنية الرقمية في سوريا، خاصة في المناطق التي تعاني من ضعف التغطية الأرضية، لكنه في الوقت نفسه مجال قد تستغله جهات مشبوهة لشن هجمات إلكترونية أو تنفيذ عمليات نصب.
الفائدة الكبرى لهذه التقنية لن تتحقق إلا عبر إطار تنظيمي محكم، وتعاون بين الجهات الحكومية والمزودين المرخصين، مع وعي مجتمعي يحمي الأفراد من مخاطر الانجرار وراء الإعلانات الاحتيالية التي تهدف إلى اختراق الحسابات الشخصية، بما في ذلك الحسابات البنكية، وسرقة بيانات المستخدمين.