الثورة – عبير علي:
تتداخل الحدود أحياناً في عالم الفن التشكيلي بين الأشكال المختلفة، وفي قلب هذه الخلطة الإبداعية يقف الفنان محمد س. حمود، حاملاً رؤية فريدة تعكس تجسيد لوحة تلاقي منحوتة بأسلوب مبتكر، تروي أعماله قصصاً حسية وتنتقل بنا إلى عوالم جديدة تعكس عمق الإبداع.
من ريف السلمية، حيث بدأت قصة شغفه بالفن إلى دمشق، جاء ليكون مثالاً للإبداع في عالم الفنون التشكيلية.. وفي تصريح لصحيفة “الثورة” أكد أن بداياته متواضعة، من مدرسة قريته، إذ وقع في حب رسم النباتات والصور الموجودة في الكتب.
انتقل إلى طرطوس عام 1959، وهناك تعرف على البحر والجبال والصخور، وهو ما لم يكن موجوداً في قريته، كانت هذه العناصر الطبيعية مصدر إلهام له، فبدأ بمواصلة الرسم ثم انتقل إلى فن النحت، وفي عام 1969 أطلق أول معارضه بلوحات زيتية وقطع نحتية، ليكون بذلك أول من يعرض أعمالاً نحتية في المركز الثقافي في طرطوس.
تقدم حمود بخطوات ثابتة نحو الاحتراف، فانتسب إلى مركز الفنون التشكيلية في دمشق عام 1972، الذي أصبح فيما بعد مركز أحمد وليد عزت، تحت إشراف النحات عبد السلام قطرمطز، وفيما كان يتابع الرسم والنحت، توصل إلى فكرة فنية مبتكرة تجمع بين الرسم والنحت، إذ تصبح اللوحة توأماً للمنحوتة، توافقها وترجمة لفكرتها.
يصف هذه الفكرة بأنها “شاهد إثبات” لعمله الفني، يرمز لنا كما تفعل صورتنا في الهوية أو جواز السفر، وتوّجت تجربته الفنية بمشروعه الفريد من نوعه المعروف بـ”اللوحة والمنحوتة”، الذي أعلن عنه رسمياً العام الماضي في معرضه الفردي العاشر بدمشق.
أقام حمود تسعة معارض فردية في طرطوس وريف السلمية، وشارك في تسعين معرضاً جماعياً في اللاذقية، ودمشق، وريف حماة، وعبّر عن امتنانه للفنان الراحل مجيب طاهر داؤد، الذي ساعده في مسيرته، مشيراً إلى تأثره بفنانين عالميين، مثل فينسنت فان جوخ والنحات رودان.
تجذب أعمال الفنان حمود الأنظار بقوة، إذ تأخذ كل من يتأمل فيها في رحلة غامرة بين بحر من المشاعر والآمال، لتؤكد أن الفنون بأنواعها، تتجاوز الحدود وتفتح أبواباً لرؤية جديدة مُفعمة بالحياة، وحاملة رسالة فنية عميقة تعبّر عن الجمال والتفرد.