الثورة – همسة زغيب:
معرض “دمشق الهوى” في المركز الثقافي بأبو رمانة ليس مجرد عرض للفن التشكيلي، بل رحلة جميلة تأخذنا عبر أزقة دمشق القديمة وحاراتها التراثية، حيث ينبض الماضي بروحه ويعيش الحاضر حكاياته، والفن هنا ليس ترفاً، بل شهادة على الذاكرة، ودعوة للحياة ليكون رمزاً للنهضة والصمود، ومرآةً تعكس الوجه الثقافي لمدينة دمشق بعد سنوات من الحرب يأخذنا في رحلة بصرية توثّق الألم وتحتفي بالأمل، وتعيد للمدينة هويتها المتجذرة في التاريخ، من خلال أعمال فنية تنتمي لمدارس مختلفة وتتناول موضوعات مستوحاة من الحارات الدمشقية القديمة وحكايات السوريين.
تناول المعرض 45 عملاً لعشرين فناناً وفنانة، منها خمسة أعمال تصوير فوتوغرافي وباقي اللوحات رسم منوع الخامات بين الأكريليك والزيتي بقياسات وأحجام متنوعة، تناولت لقطات يومية لأهل الحارات وهم يرتدون الملابس التقليدية أو يمارسون حركات من الحياة اليومية كالشرب من النبع، الجلوس في القهوة، إعداد القهوة العربية، ولوحات بيوت الدمشقيين القديمة ذات الفسحات والقباب والزخارف الإسلامية، ولوحات فيها دمج أزقة ضيقة مرصوفة بالحجارة القديمة، مع الأبواب والنوافذ الخشبية المزخرفة تصوير أسواق الحارات، مع الباعة وألوان البضائع التقليدية كالبهارات.
وفي تصريح لصحيفة الثورة تحدثت الفنانة التشكيلية والمهندسة هديل اللبابيدي منظمة المعرض: المعرض يحمل في طياته قصة كبيرة جداً من الصبر والألم، ويبرز تجربة إنسانية مشتركة بطريقة فنية قوية لأن المعرض يتحدث عن دمشق بعد التحرير وهو رمز للنهضة والصمود، يوثّق الألم ويحتفي بالأمل، ويُعيد للمدينة هويتها الثقافية بعد سنوات من الحرب كما يدعو للحياة، وللفن أن يكون شاهداً على الذاكرة، كما أوضحت أنها شاركت بعمل واحد أكريليك باستخدام ورق الذهب بعنوان “انتظار السوريين”الهدف من العمل.

صمت الانتظار الطويل، ذلك الانتظار يعرفه السوريون جيداً كأنها أرواح تائهة، واقفة في صفوف غير منتظمة، لا وجوه لها، ولا ملامح، فقط حضور ثقيل، تحسد الانتظار، والأجساد الساكنة ترمز إلى سنوات من الانتظار على الحدود، في المخيمات، أمام أبواب السفارات، أو حتى في المنازل التي تحولت إلى محطات مؤقتة.. أما الغياب: غياب التفاصيل عن الوجوه يوحي بأنهم فقدوا جزءاً من هويتهم، من ذاكرتهم، من أحلامهم.
كما قدّم الفنان علي السعدي أربع لوحات مستوحاة من الحارات التراثية الدمشقية، تناول فيها بواقعية تفاصيل أزقة دمشق القديمة، وأبوابها العتيقة، ونوافذها المزخرفة.
استخدم في أعماله الألوان الزيتية والأكريليك على القماش، معتمداً المدرسة الواقعية في التعبير عن جماليات المكان الدمشقي، وحنينه البصري لماضٍ لا يزال حياً في الذاكرة.
وقدمت الفنانة التشكيلية نجوى الشريف لوحة بعنوان “دمشق القديمة” ولوحة صانعة الفخار، تعبيراً عن محبة دمشق وعشقها العميق لها تُجسّد في أعمالها المدينة كما تراها، بألوان ساطعة ومفرحة تعبّر عن التفاؤل بغدٍ أفضل رغم كل المتاعب.
كما تصور الفنانة دمشق تنهض من جديد، بعيون خضراء تتطلع إلى السلام والأمان، وتنأى بنفسها عن كل ما بعيد عن أصالتها، وحضارتها الغنية وتاريخها العريق.
ونوهت الشريف بأنه على الفنان أن يكون رسول أمل وتفاؤل، وينشر الحب، ليبث في نفوس الناس روح الحياة والحيوية.
وأشار مدير ثقافي أبو رمانة عمار بقلة، إلى أن المعرض صوّر الحارات التراثية الدمشقية الغنية بالتفاصيل الثقافية والمعمارية والتاريخية، وهي مصدر رائع للإلهام الفني والتراثي من خلال مجموعة مميزة من اللوحات الزيتية والأكريليك التي تعكس روح دمشق القديمة وتفاصيلها الأصيلة.
وأكّد أن في كل لوحة وكل عمل فني عرضاً في المعرض نستشعر عبق التاريخ ودفء الأصالة، ونكتشف تفاصيل الحياة اليومية التي كانت ولا تزال تميز دمشق المدينة، وما حملته على مدار العصور تاريخاً حضارياً غنياً، ويعتبر المعرض تكريماً لذاكرة دمشق وتراثها، موجهاً لكل محبي الفن والثقافة للغوص في عبق الحارات الدمشقية والاستمتاع بسحرها الفريد.
يذكر أنه حضر الافتتاح رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين الدكتور محمد صبحي السيد يحيى، ورئيس اتحاد الفنانين التشكيليين الفلسطينيين الأستاذ محمد الركوعي، ورئيس فرع دمشق لاتحاد الفنانين التشكيليين مها محفوظ، ورئيس ريف دمشق سهيل أبو حمدان، ومدير المركز عمار بقلة.
