الثورة – آنا عزيز الخضر:
السينما هي الوسيلة الثقافية القادرة بحكم مفرداتها الفنية للوصول إلى الأبعاد الإنسانية، وتجسيد الحقائق كي تشكل الذاكرة الحية دائماً، فكيف إذا صُنِعت بمشاعر الفقد والوجع متمازجة مع روح المسؤولية اتجاه عالم الطفولة؟ تلك الطفولة التي دفعت الضريبة الأكبر في الحرب، فقد نقلت أفلام تظاهرة “أفلام الثورة السورية” عبر مساحة القاسم المشترك بين الفيلم الروائي والذي قدم الحقائق بالشكل الدرامي المؤثر ليأتي الفيلم التسجيلي وفق مفرداته الخاصة ليقدم الشهادات الحية والمشاهد الوثائقية التي تكاملت مع الجانب الدرامي صائغة لذاكرة مفعمة بالألم لا تموت.
فكان مشهد التظاهرة على غاية كبيرة من الغنى والغوص عميقاً في الأحداث وتوثيقها عبر أساليب فنية متقنة، وحصلت غالبية هذه الأفلام على جوائز هامة، وأعلنت رسالتها للعالم أجمع، وكانت الطفولة هي عالم الوجع وعالم المعاناة أسرياً وحرماناً فقداً وألماً، فجسدته تلك الأفلام بأشكال مختلفة منها: الفيلم الروائي “نزوح”، تأليف وإخراج سؤدد كنعان، والذي تحدث عن عائلة عاشت معاناة أسرية بعد تدمير منزلها، فتدفع الطفلة ثمن ذلك، وهناك فيلم “حلم” الذي صوّر أطفالاً حاصرتهم الحرب وسلبت براءتهم قبل التهجير، وتتضاعف المعاناة عندهم لتكبر الجراح وتتعاظم أكثر فأكثر، ومن الأفلام نذكر أيضاً “التغريبة السورية” الذي تحدث عن تجربة الحرب وقسوتها بلسان الأطفال، كل منهم يروي تجربته.