الثورة – حسين صقر:
تعرف العلاقات العامة بكونها الإدارة المسؤولة على تنظيم وإدارة العلاقات الرسمية بين المؤسسة والأطراف المتعاونة معها داخلياً وخارجياً، هذا من الناحية الشمولية، لكن بمعناها البسيط هي طريقة التعامل بين الأشخاص داخل المؤسسة، كي يقدم الجميع منتجاً مميزاً، سواء أكان مادياً كالأقمشة والمنتجات الغذائية والأدوات الصناعية وغيرها، أم معنوياً كالكتب والمجلات وتقديم الخدمات الورقية والبيانات، إذ يحكم العاملين أو الموظفين عامل واحد هو الإحساس بالمسؤولية، ولا تتحقق الأخيرة إلا بنسيج كامل من العلاقات، لأن أي عمل هو حصيلة جهد جماعي.
لتسليط الضوء على أهمية العلاقات العامة في المؤسسات والمعامل والشركات، تواصلت “الثورة” مع خبير التنمية الإدارية والأعمال والعلاقات العامة جواد محسن، والذي قال: يمكن تعريف العلاقات العامة بكونها المرآة العاكسة لصورة المؤسسة، وسمعتها أمام جميع الأطراف المتعاونة معها، لكونها الإدارة المسؤولة عن خلق هالة إيجابية حول صورة تلك المؤسسة وخدماتها أياً كانت طبيعتها اقتصادية أو ثقافية أو خدمية واجتماعية، بحيث تنجح هذه الإدارة في كسب التأييد المنطقي والحقيقي من المتصلين، والمتعاونين معها والمستهدفين بخدماتها، وتعمل كحصن الأمان الذي من خلاله يتم الدفاع عنها ضد الحملات الإعلانية المضادة، وبذات الوقت تكوين سمعة إيجابية عنها.
وأضاف: يبدأ ذلك من الأطراف التي يتم التعامل معهم بصفة مباشرة من شركات وأشخاص، وصولاً لكل من له علاقة بالمؤسسة من عملاء ومراجعين ومستوردين ومصدرين، وكذلك أمام الإعلام.
بناء جسور التواصل
وأشار الخبير في الإدارة والعلاقات العامة أنه تكمن أهمية هذه المكاتب والأقسام والإدارات أي العامة في مؤسسات العمل، بمدى قدرتها على بناء جسور التواصل مع أصحاب المصلحة، وتعزيز سمعة المؤسسة وصورتها الإيجابية، بالإضافة لإدارة الأزمات بفاعلية، وتحقيق التميز المؤسسي من خلال خلق بيئة عمل محفزة تعزز الولاء.
وأشار إلى أن ذلك يتحقق من خلال إبراز الصورة المشرقة للمؤسسة عبر تقديم معلومات شفافة ودقيقة، ما يعزز ثقة الجمهور ويشكل حلقة اتصال نشطة، هذا خارجياً.
وقال محسن: لا يقتصر دور العلاقات العامة على تنظيم البرامج وتنسيقها خارج المؤسسة، بل يمكن أن تلعب دوراً مهماً في ترسيخ العلاقات الطيبة بين العاملين والموظفين أنفسهم، وذلك من خلال توطيد أواصر علاقات التعاون والعمل على نشر الود والمحبة، وذلك عبر وضع خطط وبرامج تظهر الجوانب الإيجابية للعلاقات الصحيحة والسليمة بين هؤلاء، ما ينعكس على الأداء والعطاء والإنتاج، وتقديم منتج مميز تظهر من خلاله جهود الفريق الواحد، وهو ما يخلق التميز المؤسسي، وبكون ذلك بتعزيز التواصل الفعال، وبالتالي دعم الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة وتعزيز مكانتها في السوق، وإدارة الأزمات بفاعلية وتجاوزها على أهون الأسباب.
وأوضح أن العلاقات العامة تعمل كخط دفاع أول عن المؤسسة في الأزمات، إذ تتعامل مع المواقف باحترافية للحد من الآثار السلبية، وتحويل الأزمات إلى فرص لتحسين الصورة العامة وتعزيز الثقة، وهو ما يسهم في بناء بيئة عمل محفزة تعزز من شعور الموظفين بالانتماء والولاء للمؤسسة، لا أن يشعر هؤلاء العكس وكأنهم جاؤوا إلى العمل لأداء واجب ما والسلام.
تعزيز الثقة والمصداقية
ونوه الخبير الإداري بأن العلاقات العامة تهدف إلى بناء جسر تواصل بين المؤسسة والمحيط والداخل، ما يزيد من الوعي بقيم وأهدافها ويعزز الثقة والمصداقية في الجميع، وذلك انطلاقاً من المسؤولية الاجتماعية التي تعكس التزام المؤسسة بالقضايا الاجتماعية والبيئية عبر حملات وبرامج تبرز هذا الالتزام، وبالتالي تعزيز صورتها العامة وكسبها دعم المجتمع بأكمله، إذ يعد نشاط الـ PR أو ما يعرف عربياً بالعلاقات العامة غامضاً معظم الوقت، حتى تظهر الحاجة إليه، وغالباً ما يظهر جلياً بوضوح عندما تتعرض الشركة لأزمة، عندها يبرز دوره في توطيد علاقات الموظفين والعاملين فيما بينهم من ناحية أولى وعلاقاتها مع الخارج من ناحية ثانية.
وبين أنه هنا نلاحظ أن العلاقات العامة ارتدت رداء الساحر كذلك، إذ لا تتوقف مهمتها على إنقاذ سمعة المؤسسة فحسب، بل على إصلاحها وإعادة تشكيلها وكذلك تلميعها مرة أخرى أمام الجمهور، والعمل على تعظيم الهالة الإيجابية بكل ما يمكن من وسائل، وتكون مسؤولة عن وضع استراتيجيات احترافية تجعل من المتعاملين هم المدافعين الأوائل عنها بالشكل الذي لا يجعلها حتى تضطر إلى التدخل.