فؤاد عربش.. ذاكرة دمشقية مطعّمة بالخشب

الثورة – همسة زغيب:

يولد الضوء، من الزوايا ويُطرّز الصمت بالحكايات، من بين أصابع الحرفي الدمشقي، في ورشة صغيرة تختبئ خلف أبواب دمشق القديمة، لا صوت يعلو على خشخشة الخشب وهو يُقطّع، ولا شيء يضاهي دقة اليد حين تُطعّم وتنسّق وتعيد ترتيب الذاكرة.

من هنا، تحدث فؤاد عربش لـ”الثورة”، لا ليُعرّف عن نفسه فقط، بل ليُعرّف عن حرفةٍ تتجاوز المهنة، وتلامس جوهر الهوية.. وصفها بهدوء يشبه إيقاع الإزميل على سطح الجوز: “الموزاييك ليس زخرفة، بل هندسة روحية، كل قطعة خشب تُطعّم، تحاول استعادة نبض حضارة، وكل خط مرسوم يعتبر امتداداً لذاكرة لا يجب أن تُنسى”.. هو شيخ كار حرفة الموزاييك، ورئيس الجمعية الحرفية للمنتجات الشرقية التراثية، لا يصنع أثاثاً فحسب، بل يُعيد تشكيل الزمن، في أعماله، تتجاور طاولات الصالون المطعّمة بزخارف هندسية ونباتية مع مكاتب بثلاث واجهات مرصعة بالأمايات والصدف، وتظهر علب الأفراح، المرايا، الأبواب، رقع الشطرنج والزهر كأنها صفحات من كتاب بصري لا يُقرأ إلا بالضوء. لكن ما لا يعرفه كثيرون أن الموزاييك الدمشقي لا يبدأ بالزخرفة، بل بـ”الأمايات” وهي شرائح خشبية تُقصّ بدقة، وتُركّب بزوايا محسوبة، لتشكّل أنماطاً هندسية متناظرة، تُطعّم لاحقاً بمواد طبيعية مثل الصدف البحري، العظم، النحاس، وحتى الزجاج الملون، في عملية تشبه التطريز، لكنها تُنفّذ على سطح صلب، بأدوات يدوية فقط مثل: الشاكوش، الإزميل، والمسطرة.

يؤمن فؤاد أن كل قطعة تُركّب تحمل روحاً، وأن القطعة المصنوعة يدوياً لا تُشبه الأخرى، لأنها تنبض بما لا تراه العين، كصبر الحرفي، وذاكرة المكان، ودفء الخشب، ففي إحدى القطع، يظهر مكتب خشبي بزوايا ثلاث، تتداخل فيها ألوان الجوز والزان والصنوبر مع تطعيمات بيضاء وحمراء، فيما يتناغم الكرسي المصاحب معه في التصميم، ليشكّلا وحدة فنية متكاملة، لا تُشبه أي نموذج صناعي. ويضيف: “الحرفة لا تُورّث بالكلام، بل باليد تعلّمت من أبي كيف أسمع الخشب، ومن دمشق تعلّمت كيف أُطعّم الذاكرة”.

فؤاد عريش لا يكتفي بصناعة القطع، بل يُدرّب الجيل الجديد، ويشارك في معارض محلية وعربية، ويُعرض الموزاييك الدمشقي كفنٍ راقٍ، ويرى أن الحفاظ على الفن واجب ثقافي، لا يمكن اختزاله في الزينة، لأنه يحمل في طياته هوية بصرية، وذاكرة جماعية، ورسالة مقاومة ناعمة في وجه النسيان.

 

آخر الأخبار
سوريا تشارك في "القمة العالمية للصناعة" بالرياض  حفرة غامضة في درعا تشعل شائعات الذهب.. مديرية الآثار تحسم الجدل وتوضّح الحقيقة داء السكر .. في محاضرة توعوية  استراتيجية المركزي 2026–2030.. بناء قطاع مالي أكثر توازناً وفاعلية سوريا ولبنان.. من الوصاية والهيمنة إلى التنسيق والندية انتشار أمني واجتماع طارئ.. إجراءات في حمص لاحتواء التوترات بعد جريمة زيدل سوريا الجديدة في مرآة الهواجس الأمنية الإسرائيلية من أماكن مغلقة إلى مؤسسات إصلاحية.. معاهد الأحداث تعود إلى الخدمة برؤية جديدة الطاقة الشمسية خارج الرقابة.. الجودة غير مضمونة والأسعار متفاوتة خريطة الترميم المدرسي في سوريا.. 908 مدارس جاهزة وألف أخرى قيد الإنجاز دمشق تستضيف اجتماع لجنة النقل في "الإسكوا" لأول مرة منذ أكثر من 15 عاماً سوق السيولة.. خطوة تدعم الاستقرار النقدي وزارة التربية تحدد مواعيد التسجيل لامتحانات الشهادات العامة لدورة 2026 عودة اللاجئين.. استراتيجية حكومية تعيد بناء الثقة مع الدولة سوريا والتعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية... مسار لا رجعة عنه إعادة تفعيل البعثة السورية لدى منظمة حظر الأسلحة..السفير كتوب لـ"الثورة": دمشق تستعيد زمام المبادرة ... رئيس الأركان الفرنسي يؤكد ضرورة الاستعداد للحرب لبنان وسوريا يتجهان نحو تعاون قضائي مشترك تفعيل البعثة الدائمة.. كيف تطوي سوريا صفحة "الرعب" ومحاسبة مجرمي "الكيميائي"؟ الأردن يعزز التنسيق مع سوريا لمواجهة تحديات إقليمية