ثورة أون لاين- أسعد عبود:
مذابح في الشرق و في أفريقيا و في اليمن و آسيا … مجاعات و تفشٍ للأمراض الفتاكة .. كذب بلا حدود في السياسة و الاعلام .. نفاق في الأمم المتحدة و المنظمات الدولية …
و التلفزيون صديق دائم .. فإن استنجدت منه بوسائل الاتصال الاجتماعي ، ترى ذلك كله ، انما ينقل إليك بكثير من السذاجة و التخلف اللذين يولّدان بيئة استثنائية للنفاق و الكذب بلا حدود.
إلى أين المفر من ذلك كله .. ؟!
حتى الكتاب لم يعد الشاهد الأصدق على الأحداث .. بفضل تجارة الكتب و جرائم دور النشر و عهر الاشراف الثقافي على ذلك كله .. يكاد الكتاب يخسر معركته الاخلاقية بعد أن خسر أو كاد معركة الوجود و الدور ، ولاسيما في مشرقنا العربي الذي مضى عليه زمن كان حرق الكتب أو اغراقها و اتلافها عنوان السقوط و الحديث الأخير في رواية الانهيار.
مع ذلك يبقى السمع و البصر و الفؤاد و هو هنا الكتاب ..
قضيتي في هذه المقالة أصغر مما تورطت في هذه المقدمة .. أمس هربت من أخبار المعارك و الموتى و الدم و الهزائم و الانتصارات و تشتيت البلدان و انقسام الشعوب و المرض و الفقر و الجهل .. لأي حكاية ما قد يرويها لك فيلم سينمائي أو ما يسمونه « موفي « . فأنا لا أستطيع تحمل تهريج برامج المنوعات العصرية الزاخرة بالمسابقات و المكافآت و الصخب و العرض و الاستعراض دون أي احترام للذوق أو الجسد البشري.
معظم المحطات التي تتخصص بالموفي خليجية أو ممولة خليجياً .. تعرض افلامها بشكل متخلف لتحولها إلى عروض متخلفة .. و كثير منها يقدم اعلاناً صارخاً للفكر الرأسمالي المريض على وجه التركيز .. و في معظم هذا الكثير هناك دعايات للصهيونية و لإسرائيل مباشرة ، لا بأس عليك أن تراها .. ولا أعتقد أن هناك شريطا واحدا منها لا يُعرض ما يزيد عن مئة مرة على القناة نفسها ..
أنا لست هنا بصدد توجيه النقد لهذه القنوات .. أبداً .. و ليست تلك مهمتي .. و كما يقولون جعلها الله خاتمة المآسي .. أو خاتمة المباذل .. إنما يحز في روحي أن أسأل : لماذا ليس هناك قناة موفي سورية .. تختار لنا ما هو جيد و يعرض كما هو .. ؟! لماذا .. ؟!
دعوتي ليست أبداً للمسؤولين الدائمين المعنيين .. هؤلاء أجهل و أعجز و أكسل من الاقدام على شيء مفيد كهذا .. و القضية ليس فيها كل ذاك التعقيد .. تذكرون تجربة القناة الثانية الأرضية في التلفزيون السوري .. على ما عانت منه كانت قابلة للتطوير .. عندما لا تقدَم ادارتها هدية لإرضاء أمثال يحيى العريضي أو غيره بحجة التسييس كي لا يمر عبرها ما يسيء « للثوابت « .. كانت النتيجة أن العريضي نفسه مر من خروم ذاك الغربال المتخلف.
دعوني الآن أكمل لكم ما حصل معي في سهرة الأمس ..
لجأ ت لجهاز الـ « dvd « و اخترت فيلماً عنوانه « في بلاد الدماء و العسل « .. و كان عن جريمة الامبريالية في تقسيم يوغسلافيا و مذابح الصرب و البوسنة و الهرسك و مواقف الغرب .. كان فيلماً مشغولاً بجد .. استطاع أن يجرح عميقاً في روحي التي لا أجد من يضمد جراحها .. فهربت إليكم ..
as.abboud@gmail.com