ثورة أون لاين- علي نصر الله:
في مثل هذه الأيام من العام الماضي كان باراك أوباما يعيش آخر أيامه في البيت الأبيض، وبدلاً من أن ينشغل بحزم حقائبه استعداداً للرحيل، حاول مواجهة هزيمة أدواته الإرهابية في سورية – الدواعش ومُشتقاتهم –
بإصدار قرار برفع القيود عن توريد السلاح للفصائل الإرهابية العاملة تحت رعاية وإشراف جنرالاته، في محاولة منه للرد على الانتصارات الناجزة في حلب أولاً، وعلى جبهات أخرى ثانياً.
تحررت حلب بالمحصلة، واتّسعت تباعاً المساحات التي أعاد لها جيشنا الباسل الأمن والاستقرار رغماً عن قوى العدوان، وكسراً لإرادتها ومخططاتها البائسة بتمزيق سورية، غير إن الإدارة الأميركية الصاعدة مع دونالد ترامب لم تحاول الاستفادة من الدرس، وآخر ما حُرر كدليل إثبات على أنها لم تستفد، ولم تتعظ، هو سعيها لإنشاء جيش جديد قوامه الأساسي سيكون مما تبقى من حُثالات إرهابية تُعوّل عليها قبل أن تكتمل هزيمة مشروعها!.
تصريحات العسكريين الأميركيين التي تُشير إلى انتهاء عمليات الإعداد والتدريب للعناصر الإرهابية التي تُعيد واشنطن إنتاجها باسم آخر وراية مُختلفة، والتي تُشير إلى الوُجهة التي وقع عليها الاختيار لمواجهة جيشنا وقواتنا المسلحة، لا يُفهم منها سوى أن أميركا تُدشن بذلك مرحلة جديدة من محاولة التصعيد، وتجربة الهروب للأمام مُجدداً التي لن تقودها إلا إلى ذات النتائج التي ترفض الاعتراف بها!.
هل الغباء السياسي، أم الخبث والعناد، هو ما يجعل الأداء الأميركي يتطابق رغم تغيّر الإدارة؟ أم إن الاستراتيجية الأميركية ستبقى واحدة عندما يتصل الأمر بالعدوان على سورية والغاية منه؟.
استمرار العدوان والكذب والنفاق هو ما تؤمن به واشنطن كاستراتيجية ثابتة تجاه سورية ومحور المقاومة، يبدو أنها لن تتبدل ولن تتغير إلا قسراً، ذلك أنّ ما شغل أوباما عن حزم حقائبه في آخر أيامه، يتقاطع كلياً مع ما ينشغل فيه ترامب حالياً عن حزم حقائب قواته استعداداً للرحيل والخروج الطوعي من الأراضي السورية قبل أن يضطر لفعل ذلك قسراً وعلى وجه السرعة وجناحها!.
ندرك أن دحر الدواعش لن يُشكل مناسبة لتكف الولايات المتحدة ومن معها من أدوات عن سياسة الحرب والعدوان، ونعرف أن المواجهة مع المعسكر الصهيو أميركي ستكون أطول وأعمق، ببساطة لأنها كذلك، وللأسباب التي نعرفها ويعرفها العالم وأولها فلسطين والقدس واللاجئون، لكن ما لا تعرفه واشنطن ربما هو ما ينبغي عليها أن تتلمسه من عجزها الحالي الذي سيجعل هزيمة كل مشاريعها حتمية بفعل ما أعدّت له سورية وشركاؤها في محور المقاومة من أسباب القوة والصمود وتحقيق النصر أو الانتصار.