على جهاز صغير وبتمريرة إصبع يصبح العالم بين يديك، ولك أن تنهل ما تشاء لا بل ولك أن تتخيل أيها الأب والأم على أي شاكلة سيكون هذا العالم في عقول أبنائكم.
أي اختراق هذا الذي يحدث بين الآباء والأولاد على مائدة النت وبتمرير الأصابع التي لا تحتاج جهداً حتى تصبح الوجبة المطلوبة جاهزة وأغلب الأحيان هي ملغومة طالما أنها وصلت لأيديهم دون رقيب أو متابع خاصة وأن الأهل فقدوا السيطرة أغلب الأحيان على التحكم بأجهزة الخليوي والحاسوب التي يغفو عليها أبناؤهم.
اي اختراق هذا الذي يرتكب بحق أبنائنا عبر جهاز خطير أيا تكن فائدته فإن حجم ضرره يغدو جسيما طالما أنه في يد الصغار مثله مثل السلاح في يد الأحمق. جهاز يغزو حياتنا ويهدد مستقبل أبنائنا طالما أنه في جعبة شريحة واسعة من الشباب والمراهقين وهي الفئة المستهدفة بالاختراق وأغلبهم لا يمتلك من أسلحة الوعي والنضج والفكر ما يكفي لمواجهة هذا الغزو المدروس والممنهج من قبل الغرب والأهل يغطَون في غفلة من أمرهم وسيطرتهم.
ما الذي يحدث مع الشباب في متاهة الفيس بوك عبرمنشوراته ونوافذه وخياراته المفتوحة وحالات الواتس المختلفة وصور الانستغرام والتلغرام والتويتر.. ما الذي يحدث مع الشباب وإلى أي درب ستأخذهم تطبيقات التواصل الاجتماعي التي تدَعي أنها مهتمة بهم وتريدهم أن يكونوا على سوية من التواصل الاجتماعي ليجسدوا شخصياتهم على أهوائهم بحجة أن هذه التطبيقات المباحة تمثلهم عبر أفكارهم وصورهم ومنشوراتهم وتدعوهم للمشاركة الفعَالة والفاعلة والتفاعل مع الأخرين عبر خيارات مختلفة.
وما هي النتيجة، هدر للوقت وخراب يوصل بالشباب إلى الهاوية من جهة الانفصال عن الواقع والدخول في العالم الافتراضي وتشتيت العلاقات الاجتماعية والانغماس بثقافة الاستهلاك ومحاولة التمرد للوصول للاستقلالية والتشبه بالمجتمع الغربي والتقليد الأعمى لممارسات شباب ذلك المجتمع الذي يمثله الفيس بوك وباقي التطبيقات الأخرى التي تدعم خياراتهم واختياراتهم .
للحقيقة أنه لا يمكن للأهل تجاهل شبكات التواصل الاجتماعي ولا يمكنهم تجاوز أهميته لابل ضرورته في هذا الوقت الذي يسجل سرعة في التطور والتقدم بشكل لم يسبق له مثيل، وليس بإمكانهم أبدا أن يمنعوا أبناءهم من تسجيل حضورهم في هذا العالم لكن باستطاعتهم ضبط الاستخدام بشكل مدروس وهذا يتطلب المسؤولية المطلقة من الأهل والدعم المجتمعي إلى جانب المهنية في هكذا خطوات ضرورية لحماية الأبناء وبالذات شريحة الشباب من الاختراق وحدوث الخلل في البيئة الاجتماعية وفي الوسط الخارجي .
قد تكون تلك الخطوات صعبة الإنجاز بادئ ذي بدء لكن العمل عليها يضمن نتائج قد لا تكون مرضية بداية، إلا أنها مع الوقت تجدي نفعا طالما أنها تحمل مصلحة جيل كامل من الشباب باتجاه أن يكسب ذاته عوضا عن الدخول في حالة التيه والأنانية والاستقلالية الغريبة عن مجتمعنا الذي أربكته هكذا تطبيقات تدَعي أنها صممت من أجله هو فقط . لهذا من الضروري جدا الإسراع في إيجاد البدائل وطرح ما يمكن أن يشغل الشباب عن هكذا وسائل للتواصل مع المجتمع.
والوسائل متوفرة بدءا من التشجيع على الحوار المتبادل بين الأهل والأبناء وتفهم الآخر وتقبله والحث على القراءة وتوفير بيئة مناسبة للترفيه والاهتمام بحاجياتهم وتوضيح أولوياتها بدلا من البقاء ساعات مطولة في غرف الدردشة المغلقة بعيدا عن واقع حي يمثله ويعنيه.
لجينة سلامة
التاريخ: الجمعة 12-10-2018
رقم العدد : 16809