نيران الصهيونية

ليست المسألة مجرد لقاء أو مقابلة أو مصافحة، ولاحتى زيارة وفد تجاري واقتصادي ،ولامشاركة فريق رياضي في مباريات، لكن المسألة أبعد من ذلك بكثير فما الذي فعله ويفعله الصهاينة لكي يحدثوا هذا الاختراق في النظام الرسمي العربي؟.

المؤسف في الأمر أن القضية الفلسطينية والاحتلال الصهيوني للأرض العربية لم يعد حاضراً في المواقف الرسمية للحكومات والأنظمة العربية، لايتم الحديث عن القضية الفلسطينية إلا في الأدبيات واللقاءات الشعرية وبعض المنتديات القومية التي ينشط بها غالباً رجال كبار ممن عاشوا فترة المد القومي الكبير في خمسينات وستينيات القرن الماضي، وهم مازالوا مؤمنين بالفكرة القومية والعروبة، وإن كانوا لايجدون الصدى المطلوب في الأجيال الشابة فهم مازالوا متمسكين بعقيدتهم وانتمائهم وإن كانوا يعيشون حالة اغتراب عن مجتمعاتهم .
هذا الواقع المؤلم لم يأت مصادفة، ولم تصل إليه مجتمعاتنا المحلية وفق آلية تطور طبيعي ،فهذا الواقع ثم الإعداد وتصنيعه وفق منهجية وخطط وبرامج جهنمية استجاب الشارع لها رداً على تصرفات ومواقف حكوماته فابتعد عن قضايا النضال الوطني في فلسطين، وتحول للحديث عن المعاناة والمطالب والبطالة ومشكلات التربية والتعليم وإن كان بكثير من التبسيط والتسطيح، مايعني أن الأرضية الاجتماعية تحولت إلى الهشاشة في مساحة كبيرة من الوطن العربي الكبير.
وبالرغم من استمرار جذوة النضال ضد المشروع الصهيوني وخاصة في سورية والداخل الفلسطيني والشتات بأساليب وطرائق سياسية ودبلوماسية بموازاة المقاومة الفلسطينية ومواجهة قوات الاحتلال بالحجارة أولاً وصولاً إلى استخدام الأسلحة البيضاء من مدى وسكاكين بسيطة، إضافة إلى عمليات الدهس ، وهي الوسائل الممكنة في ظل حالة الحصار الكبير التي يفرضها العدو الصهيوني وتراجع الدعم الرسمي العربي وحالة الضغط الدولي والغربي الاستعماري الممارسة على قوى التحرر العربي الحقيقية ومحور المقاومة الذي يحارب الإرهاب ، ويحارب الصهيونية باعتبارها تمثل ذروة الإرهاب العالمي المنظم .
أمام هذه الحالة من التراخي المحمولة على نشر أكاذيب إعلامية وحرب نفسية تشوه الحقائق وتقدم روايات مختلفة يتمادى النظام الرسمي الرجعي في المشيخات الخليجية في تطبيع العلاقات الرسمية مع العدو الصهيوني ، فالاتفاقيات الرسمية الموقعة سابقاً مع العدو الصهيوني لم تؤد الغرض المطلوب ، فلا اتفاق كامب ديفيد مع مصر ولا اتفاق أوسلو مع السلطة الوطنية الفلسطينية ولا اتفاقية وادي عربة مع الأردن سمحت بالوصول إلى علاقات طبيعية ما بين الشعب العربي في كل من مصر والأردن والضفة الغربية وقطاع غزة وما بين العدو الصهيوني ، ولم تقم علاقات اقتصادية وشراكات يمكن أن توصف بالعلاقات الشعبية ، بل على العكس فإن أي شخص يفكر بزيارة الأراضي المحتلة أو إقامة أي علاقة تجارية أو ثقافية فإنه ينبذ كلياً من محيطه العربي الضيق ، وهذا ما حدث في مصر خلال الفترة التي تلت اتفاقية كامب ديفيد عندما سعى بعض المثقفين المؤيدين لزيارة السادات وخطته لإقامة علاقات ثقافية وإعلامية وتطبيع العلاقات في هذا الميدان ومن الرؤى الصهيونية ، لكنها فشلت وإن كل تلك المحاولات تم وأدها إلى الأبد ، فما الذي حدث الآن .؟
لقد فتحت السعودية الباب بقوة أمام قوات الاحتلال الصهيوني للدخول إلى دول مجلس التعاون الخليجي وذلك نزولاً عند الرغبة الأميركية التي يطلبها الرئيس دونالد ترامب المعني في مشروعه المعروف (بصفقة القرن ) وهو مشروع يستهدف الإجهاز على القضية الفلسطينية كلياً بعد مرور سبعين سنة .
كانت القضية الفلسطينية تظهر مثل طائر الفينيق الأسطوري الذي يظهر من تحت الموت أكثر قوة وأشد حضوراً مؤكداً أن أطفال فلسطين أكثر التزاماً وارتباطاً بأرضهم التاريخية وأنهم لم ينسوا قضيتهم ولن ينسوا قضيتهم ولن يتخلوا عن أرضهم أبداً وأن سنوات الاحتلال لم تغير في الأمر شيئاً وإنما زادتهم قوة وثباتاً وإيماناً بحقهم، وإن محاولات طمس الهوية العربية عن الأرض الفلسطينية ومدنها وقراها وثقافاتها ليست أكثر من معارك خاضها الفلسطينيون بكثير من عوامل القوة باعتبارهم مازالوا يحتفظون بوثائقهم وثبوتيات ملكيتهم ببيوتهم ودورهم ومنازلهم ومزارعهم وبياراتهم وحتى مازالوا يحتفظون بوثائق ملكيتهم لقطعان الأغنام والماعز والأبقار والجمال والخيول وغيرها ،وهم يحملون مفاتيح بيوتهم كرمز للتمسك بالحق التاريخي الذي لايموت حق العودة.
المشروع الأميركي /الصهيوني المعروف بصفقة القرن يستهدف إسقاط هذا الحق وهو يوظف آل سعود كرأس حربة في خدمة المشروع الصهيوني في مرحلة يعتقد أنها مناسبة لتنفيذ صفقة القرن وإسقاط القضية الفلسطينية نهائياً وهذا وهم في الواقع وإن كانت الوقائع تشير إلى إمكانية تحقيقه لأن الغرب الاستعماري والصهيونية والرجعية لا يعون حقيقة الكامن في الشخصية العربية وهم يتوهمون أنهم قادرون على تطويعها وتحويلها إلى شخصية خانعة وتابعة من خلال تنفيذ خطة الصدمة من خلال الاتفاقيات والزيارات والوفود المتبادلة مع مشيخات الخليج وصولا إلى مسقط لكنها تحركات إلى آن والمخاض الصعب سوف ينهيها لا كما يتوقعون.
مصطفى المقداد
التاريخ: الأثنين 29-10-2018
رقم العدد : 16822

آخر الأخبار
٥٠ منشأة صناعية جديدة ستدخل طور الإنتاج قريباً في حمص الإعلام على رأس أولويات لقاء الوزير مصطفى والسفير القضاة وزير الإدارة المحلية والبيئة يوجه بإعادة دراسة تعرفة خطوط النقل الداخلي سجن سري في حمص يعكس حجم الإجرام في عهد الأسد المخلوع ميشيل أوباما: الأميركيون ليسوا مستعدين لأن تحكمهم امرأة لجنة السويداء تكسر الصمت: التحقيقات كانت حيادية دون ضغوط الضرب بيد من حديد.. "داعش" القوى المزعزعة للاستقرار السوري من الفيتو إلى الإعمار.. كيف تغيّرت مقاربة الصين تجاه دمشق؟ انفتاح على الشرق.. ماذا تعني أول زيارة رس... تفعيل المخابر والمكتبات المدرسية.. ركيزة لتعليم عصري 2.5 مليار يورو لدعم سوريا.. أوروبا تتحرك في أول مؤتمر داخل دمشق مغترب يستثمر 15 مليون دولار لتأهيل جيل جديد من الفنيين بعد زيارة الشيباني.. ماذا يعني انفتاح بريطانيا الكامل على سوريا؟ فيدان: ننتظر تقدّم محادثات دمشق و"قسد" ونستعد لاجتماع ثلاثي مع واشنطن وفود روسية وتركية وأميركية إلى دمشق لمناقشة ملف الساحل وقانون "قيصر" رغم نقص التمويل.. الأمم المتحدة تؤكد مواصلة جهود الاستجابة الإنسانية بسوريا بين "داعش" و"قسد" وإسرائيل.. الملفات الأمنية ترسم ملامح المرحلة المقبلة المنطقة الصحية الأولى بجبلة.. نحو 70 ألف خدمة في تشرين الأول تفجير المزة.. هل حان وقت حصر السلاح بيد الدولة؟ عودة محطة بانياس.. دفعة قوية للكهرباء واستقرار الشبكة نحو شوارع أكثر نظافة.. خطوات جديدة في حلب