لا تبنى الأوطان بالأمنيات، ولا بالأقوال، إنما هي الأفعال التي تبدأ ولا تنتهي، وحين يكون الوطن في خطر، يكون نداء الواجب فعل تضحية وعطاء،
ولا أحد أكثر ولا أعلى شأنا وعلوا في العطاء من السوريين، أبناء الحياة والتاريخ والحضارة التي تمتد في عمق الدهر لعشرة آلاف عام ونيف، وهم يعيدون صياغة التاريخ بما قدموه من تضحيات وفداء. واليوم وهم يتوجون فعل الفداء ويكتبون بلاغة البناء ورسوخه، ويؤسسون لسورية المتجددة، كان لابد من رسم ملامح الطريق، ووضع النقاط على الحروف.
السيد الرئيس بشار الأسد يترأس الاجتماع الأول للحكومة بعد أداء الوزراء الجدد اليمين الدستورية أمام سيادته، وفي الكلمة التوجيهية التي ألقاها في الاجتماع، وضع السيد الرئيس الخطوط العريضة التي يجب أن تكون على رأس أولويات عمل الفريق الحكومي، وكان السيد الرئيس يتحدث بنبض كل مواطن سوري، وعلى رأس القائمة الملحة العمل الدؤوب والمستمر من أجل مكافحة الفساد، هذه مهمة ليست سهلة، ولايمكن أن تنجز بين ليلة وضحاها، ولكن، هل علينا أن ننتظر طويلا حتى يلمس المواطن نتائج ما نقوم به على أرض الواقع ؟.
بالتـأكيد : لا، كما أشار السيد الرئيس، بل علينا أن ننجز بأسرع ما يمكن، ثمة الكثير مما يجب القيام به إضافة إلى ما تم إنجازه من خلال الكثير من الاجراءات التي اتخذت في الكثير من مؤسسات الدولة، وقد آتت ثمارها وخففت الكثير من الأعباء، ومن وقائع الفساد، التجربة يجب أن تعمم وتطور، وعلى كل وزارة وبالسرعة الكلية أن تتخد الاجراءات التي تكون عونا للمواطن، وتبعد احتمالات الفساد.
وكان واضحا أن الرؤية التي أطلقها السيد الرئيس بشار الأسد تدل على أن سبرا عميقا ومتابعة واسعة وشاملة للمشهد الذي كنا نظن أنه غير مرصود، لكنه كان فعلا على طاولة الجراحة، وتم اتخاذ التدابير التي تسد الثغرات التي تؤدي إلى الهدر والفساد، وليس هذا وحسب، بل وجه السيد الرئيس إلى ضرورة العمل الفعلي على مكافحة البيئة التي تخلق الفساد وتجعله مقوننا، وهنا جاء الحديث على ضرورة مراجعة الكثير من القوانين التي يمكن للفساد أن ينفذ منها، فالقانون كما أشار سيادته لا يحاسب على النوايا، إنما على الوقائع والمعطيات.
من هنا يجب العمل بكل مسؤولية على سد هذه الثغرات، وهذه مسؤولية كبيرة، تقع على عاتق الجميع، واليوم قبل الغد نحتاج جميعا إلى العمل معا بروح عالية من الوطنية والقدرة على اجتراح الحلول والاستجابة لحاجات الوطن والمواطن، والحكومة كما عبّر سيادته هي لخدمة المواطن، من هنا ونحن في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة من تاريخنا، ومن تضحيات شعبنا، من الشهداء والجرحى، من تضحيات كل سوري، علينا أن نعي أن تضحيات هؤلاء ليست مجانية، نعم لقد ارتقوا من أجل الوطن، ولولاهم ما كان هذا الصمود السوري المذهل.
هؤلاء، حقوقهم يجب أن تحفظ من قبل الدولة والمجتمع، وأولها العمل على صون الوطن وحمايته والارتقاء به، ومحاربة مظاهر الخلل أينما كانت، وعلى رأسها الفساد، وعلى الحكومة أن تعمل على ذلك، باختصار: لقد رسم السيد الرئيس ملامح الطريق التي يجب أن تكون ميدان العمل، ومن نبض كل مواطن سوري، كان واضحا وجليا وشفافا، المهمة ليست سهلة، ولكن الشعب الذي علّم العالم الصمود، ولديه هذه الطاقات الخلاقة، جدير بكل فعل وعطاء، وهذه المحطة المفصلية التي بدأت يجب أن تؤتي ثمارها بالقول والفعل، واليوم قبل الغد.
ديب علي حسن
التاريخ: الجمعة 30-11-2018
الرقم: 16849