فرنسا وكذبة العدالة والحرية

دخلت الاحتجاجات الفرنسية ضد السياسة الاقتصادية التي تنتهجها حكومة مانويل ماكرون أسبوعها الثالث، فيما يتمسك الأخير بنهجه القائم على رفع الضرائب على الشعب في مقابل تخفيضها عن طبقة الأغنياء والتجار، لتشهد أرقى أحياء العاصمة الفرنسية ومدن أخرى أعنف المواجهات بين قوات الأمن المصرة على تفريق الاحتجاجات بالقوة وبين ما يسمى أصحاب السترات الصفراء المتمسكين بمطالبهم، في مشهد يعيدنا بالذاكرة إلى أحداث تشرين ثاني عام 2005 حين انتفضت الضواحي الباريسية المهمشة ضد سياسة التمييز الممارسة من قبل السلطات تجاه المهاجرين.
اللافت في المشهد الفرنسي الحالي هو سرعته في فضح الأكاذيب التي يروجها الإعلام الغربي حول رسوخ قيم العدالة والحرية والمساواة في مجتمعاتهم، إذ كشفت الاحتجاجات الحالية عن مجتمع فرنسي يائس محبط فوضوي يعيش أوضاعاً اقتصادية وأخلاقية مزرية بسبب فقدان العدالة الاجتماعية، وليس باستطاعته تحمّل المزيد من الضرائب ورفع الأسعار والضغوط الاقتصادية في حين كشف تعاطي السلطات مع المحتجين عن تجذر سياسة العنف والقمع والاضطهاد في عقلية وسلوك قادة الغرب وحكوماته الرأسمالية، الأمر الذي يطرح مئات الأسئلة حيال تنصيب الغرب نفسه ـ وخاصة فرنسا ـ كمدافع عن الحقوق والحريات في العالم، وإعطاء الدول والشعوب الأخرى محاضرات في كيفية التعامل مع أعمال الفوضى والتخريب والإرهاب وفي كيفية احترام الحريات وحقوق الإنسان.
يبدو ماكرون، بخبرته السياسية الضعيفة وعناده الفارغ، أمام اختبار صعب ليس من السهل اجتيازه، وقد يقامر بمستقبله السياسي وتصبح فرصته معدومة لتجديد ولايته الرئاسية، إذا بقي مصراً على نهجه الاقتصادي المعادي للفئات الأكثر فقراً، وقد تطيح هذه الأزمة بحكومته التي أثبتت بتعاطيها العنيف مع المحتجين أنها ليست أفضل من الحكومات التي تنتقدها وتشن الحروب عليها تحت عناوين وذرائع كاذبة.
ما يجري في فرنسا اليوم قد تنتقل شرارته إلى دول غربية أخرى، وليس صدفة أن نرى الرئيس الأميركي دونالد ترامب يغرّد شامتاً بصديقه ماكرون، وهو الذي غادر احتفالية مئوية الحرب العالمية الأولى غاضباً، ولسان حاله يقول «سأنتقم»، فهل جاء وقت الانتقام.. سؤال يطرح نفسه..؟!
عبد الحليم سعود
التاريخ: الأثنين 3-12-2018
رقم العدد : 16851

آخر الأخبار
بمشاركة سورية.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم في جامعة الدول العربي... موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة تفقد معبر العريضة بعد تعرضه لعدوان إسرائيلي الرئيس الأسد يصدر قانوناً بإحداث جامعة “اللاهوت المسيحي والدراسات الدينية والفلسفية” الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 هل ثمة وجه لاستنجاد نتنياهو بـ "دريفوس"؟ القوات الروسية تدمر معقلاً أوكرانياً في دونيتسك وتسقط 39 مسيرة الاستخبارات الروسية: الأنغلوسكسونيون يدفعون كييف للإرهاب النووي ناريشكين: قاعدة التنف تحولت إلى مصنع لإنتاج المسلحين الخاضعين للغرب الصين رداً على تهديدات ترامب: لا يوجد رابح في الحروب التجارية "ذا انترسبت": يجب محاكمة الولايات المتحدة على جرائمها أفضل عرض سريري بمؤتمر الجمعية الأمريكية للقدم السكرية في لوس أنجلوس لمستشفى دمشق الوزير المنجد: قانون التجارة الداخلية نقطة الانطلاق لتعديل بقية القوانين 7455 طناً الأقطان المستلمة  في محلجي العاصي ومحردة هطولات مطرية متفرقة في أغلب المحافظات إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم