خبر الأيام الثقافية للقنيطرة والجولان في القلب لم يمر مرور الكرام أمام ناظري, والدتي التي تجاوزت عقدها الثامن
حيث سرحت في الذاكرة عن الأيام الثقافية لستينيات القرن الماضي, وبدأت تسترسل كيف كانوا يرتادون المركز الثقافي للقاء الفنانين والأدباء والشعراء, وكيف كانت مواعيد زيارة السينما مقدسة لحضور أفلام الزمن الجميل وبطلتها شادية وغيرها, وأغنية يابياع الورد التي خانتها ذاكرتها في استرجاع اسم مغنيتها..
زيارة جميلة بوحيرد المناضلة الجزائرية ماعلق في الذاكرة من تلك الأيام أيضا وبرفقتها خمسة من المناضلين, وكيف تحلقوا من حولها في نادي الضباط في القنيطرة نساء وأطفالا ورجالا وأخذت تروي لهم قصص بطولاتها واعتقالها وتعذيبها في سجون الاحتلال الفرنسي, وكيف قطعوا جزءا من جسدها وحكموا عليها بالإعدام دون أن يرف لها جفن, فلطالما لم تخف المستعمرين وخاطبتهم قائلة: (أعرف أنكم ستحكمون علي بالإعدام، لكن لاتنسوا أنكم بقتلي تغتالون تقاليد الحرية في بلدكم، ولن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرة مستقلة).
الرحلة في زمن الثقافة القريب البعيد جميلة وثرية، أذكر أنا واخوتي عندما كنا نطالب والدتي في الخروج إلى أي مكان كان يقابل بالرفض من قبلها باستثناء أن نستأذنها في ارتياد المراكز الثقافية أو خشبات المسارح أو لحضور أمسية موسيقية أو شعرية طلابية وغيرها.. كما أذكر أن ارتياد المراكز الثقافية لأبناء جيلنا أمر مؤكد ومكرر للاستعانة بالكتب والمراجع لإتمام حلقات البحث الجامعية إضافة لزيارة مكتبة الجامعة بخلاف جيل اليوم مع توافر باقات الانترنت بين يديه والاستعانة بعمهم غوغل الذي يجيب على كل تساؤلاتهم…
وللجولان رحلة في الذاكرة أيضا لما تحمله حقوله وينابيعه وبياراته من حكايات وروايات وزيارات لتذوق كل ماهو جميل في الطبيعة، وكيف كان أهل الجولان يأتون إلى دوائر القنيطرة ومشافيها وكنائسها ومساجدها لإتمام معاملاتهم الرسمية وتثبيت عقود الزواج وتسجيل أبنائهم في دائرة النفوس..
ذكريات الزمن الجميل مع سيدة تجد أن المشروع الثقافي لايمكن له أن يكتمل دون احتكاك مباشر مع كل ماله علاقة بالثقافة والفن والابداع، لأنه حينها يحفر في الذاكرة عميقا.. والبحث عن الفكر الثقافي من منابعه دون الاستسهال في الحصول على أي عبق فكري وثقافي.. وتربية الجيل الجديد على خوض غمار التجربة في اكتشاف واكتناز كل فن أصيل بعيدا عما يمكن أن يقدمه لهم عمهم غوغل وأعوانه في انتقاص لأي معلومة أو تزييف أو تحريف..
هناء الدويري
التاريخ: الجمعة 7-12-2018
الرقم: 16855