تتعقد المشاهد المتعلقة بالعدوان على سورية وتتباين التوقعات بشأن آليات وأساليب التعامل معها، فالوقائع والنتائج تظهر أن جميع من ناصب سورية العداء وقع في الخسران،
وإن أكبر الخاسرين كانوا رؤوس العدوان ذاتهم، فجميع تخطيطاتهم ذهبت سدى بالمقارنة مع الأهداف المنشودة، وليس أقل خسراناً من الولايات المتحدة الأميركية والغرب الاستعماري والرجعية العربية والإقليمية إلا الاتحاد الأوروبي ككيان سياسي ينبغي أن يمثل رؤية مشتركة وموحدة تكون ذات صوابية وتحقق مصالح دول الاتحاد، فيما الواقع لم يكن في يوم من الأيام يشير إلى أن هذا الاتحاد قادر على فهم واستيعاب وتطبيق سياسات تخدم مصالحه، فالاتحاد الذي بدأت نواته بالتشكل أواخر خمسينيات القرن الماضي ليدخل دائرة التنفيذ والنمو والاتساع في العقد الأخير من القرن العشرين، فاتحاً بوابات العبور دون حواجز جمركية أو تأشيرات دخول ورافعاً اليورو كعملة موحدة ويعيش مخاوف التراجع والانقسام والانسحاب وصولاً إلى انفراط العرى الوجودية كلها، خلال سبعة عقود لم يستطع التخلص من التبعية الكاملة للإدارة الأميركية إذ إنها تملي وتفرض وتحدد سلوك الاتحاد الأوروبي كله، دون أن تظهر أي بوادر استقلالية، فمشروع مارشال لإعادة إعمار أوروبا ما زال يلقي بظلاله على القارة العجوز وليس ثمة أمل في الخروج من العباءة الأميركية.
مصطفى المقداد
التاريخ: الخميس 20-12-2018
الرقم: 16865