نعيب زماننا

ما أطيب العيش لو أن الفتى حجر , أمنية شاعر جاهلي , تمر به الحوادث وصروف الدهر , ولا يستطيع غلابها , فما أروع لو أننا تجمدنا وكسرنا ما في القلب والعقل , وكنا جمادا , لا ندري بسطوة ما يحيق بنا , ترانا اليوم وعلى بعد آلاف السنين من هذا الشاعر البرم من كل شيء ,

ترانا نردد ها بصيغة أخرى ( نيال اللي مات ارتاح )‏

وربما استدعى بعضنا آلام المتنبي ( تكسرت النصال على النصال ) ابعد من ذلك , صار سوى الروم روم بيننا وفي قلوبنا وعقولنا , وانتفت الأخوة , وعقم العقل والقلب , وغدت رابطة الأخوة سرابا, بل كادت تجعلنا نصدق أننا كنا يوما ما أمة واحدة , ويشط بنا الألم أبعد وأكثر من ذلك , حتى ننسى كل ما كنا عليه أمس من كوارث ومصائب , فلا نصحو على ألم حل بنا أمس , لكل ساعة في حيواتنا ( بنت دهر) تقسم ألا تغادرنا إلا وقد أنجبت العشرات لتحل مكانها , متعبة هي هذه الحياة , مرهقة حد الفجيعة , لا مما نواجهه من حرب ضروس يشنها العدو المعروف , إنما ممن ظننا أن الكثيرين منهم هم حماتنا , وهم من سوف يرون ما نعمل وما ننجز , مرهقة حد العياء , من تاجر لايشبع , ومن يد تسرق وتفسد وتهدم , وتمضي إلى حيث تشاء بلا حسيب رهيق.‏

مرهقة , مرة أيامنا , حيواتنا , نبكي على كل ما يحل بنا , ويندفع السؤال : ما الذي اقترفناه حتى يحل بنا كل هذا الخراب , من الذي يضعنا على سكة الخراب , ولم يبدو فرحا بهذا , لم لا يرتفع صوت ما ويقول : كفى ؟‏

أتراه اليأس الذي غزا كل شيء , لولا اليقين الذي يزرعه رجال الله على الأرض , يعيدون صياغة الكون , ويعمدون ترابنا بالطهر , وكلما ادلهمت بنا حالكة كانوا المنارة , على تخوم الزمن الذي نعبره ويعبرنا إلى الغد , لايبدو السؤال عاديا : من نعاتب , وكيف ؟ هل قدرنا أن نمضي إلى التراب وحطام الاحلام يغزونا , يهل سريعا ويكاد ينسرب قبل أن نلمسه ولو لمحا , لن أكون ونحن على عتبات عام جديد , اكثر يأسا مما كنت عليه يوما ما , كل ما يجري لا يبشر بيقين الغد الانقى , ولكنها كما اعتقد لحظات ( الفوشان ) لأوزان الذباب , وهذه سمة الدهر أنه يجعلهم يطيرون بلا أجنحة بفعل الخصب المدعوم , ولكنها الصفحات الكاشفة , لابد منها , وفي كل زمان ثمة طابور يصل للحصاد حين يحين الموسم , وهو اللاطي وراء الاكمة وعلى مبدأ أن الجبل آمن حين تكون المعارك , والمائدة اشهى بعد أن تنتهي , والمكان جاهز محجوز , ياله من زمن المرارة الذي يحضر ويعد لزمن الخصب الحقيقي.‏

هكذا عهدنا , وعدنا , يومنا, غدنا , ولابد أن الأمر كابوس سوف يمضي , حين نعيد بناء النفوس , وما اروع ما قاله الشافعي :‏

نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فينا‏

وَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانا‏

وَنَهجو ذا الزَمانِ بِغَيرِ ذَنبٍ‏

وَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَنا هَجانا‏

وَلَيسَ الذِئبُ يَأكُلُ لَحمَ ذِئبٍ‏

وَيَأكُلُ بَعضُنا بَعضاً عَيانا‏

معاً على الطريق
ديب علي حسن
التاريخ: الجمعة 28-12-2018
الرقم: 16872

آخر الأخبار
العلاقات السورية الروسية .. من الهمينة إلى الندية والشراكة  الصحة النفسية ركيزة الرفاه الإنساني  حملة "فسحة سلام" تختتم مرحلتها الأولى  بفيلم "إنفيكتوس"   قادمة من ميناء طرابلس..الباخرة "3 TuwIQ" تؤم  ميناء بانياس "الزراعة الذكية"  للتكيّف مع التغيرات المناخية والحفاظ على الثروات   "التربية والتعليم": مواءمة التعليم المهني مع متطلبات سوق العمل إجراءات خدمية لتحسين واقع الحياة في معرّة النعمان من قاعة التدريب إلى سوق العمل.. التكنولوجيا تصنع مستقبل الشباب البندورة حصدت الحصّة الأكبر من خسائر التنين في بانياس  دعم التعليم النوعي وتعزيز ثقافة الاهتمام بالطفولة سقطة "باشان" عرّت الهجري ونواياه.. عبد الله غسان: "المكون الدرزي" مكون وطني الأمم المتحدة تحذِّر من الترحيل القسري للاجئين السوريين الجمعة القادم.. انطلاق "تكسبو لاند" للتكنولوجيا والابتكار وزير العدل من بيروت: نحرز تقدماً في التوصل لاتفاقية التعاون القضائي مع لبنان "الطوارئ" تكثف جهودها لإزالة مخلفات الحرب والألغام أردوغان: اندماج "قسد" بأقرب وقت سيُسرّع خطوات التنمية في سوريا "قصة نجاح".. هكذا أصبح العالم ينظر إلى سوريا علي التيناوي: الألغام قيد يعرقل عودة الحياة الطبيعية للسوريين مدير حماية المستهلك: تدوين السعر مرتبط بالتحول نحو مراقبة السوق الرابطة السورية لحقوق اللاجئين: مخلفات الحرب تعيق التعافي