من ميسون إلى ترامب

مع كل الجنون الذي يبدو عليه ترامب، لكنه فعلاً يمثل السرطان الأميركي الذي ينهش العالم، أمة القطيعة مع كل شيء إلا مع المصالح والمنافع بغض النظر عن الطرق التي تقودهم إليها، ومع التحفظ على مصطلح أمة، ترامب ليس الشذوذ عن القاعدة ولكنه الأكثر صلفاً وجرأة وغروراً وتعبيراً عن جنون المال، يذكرني جنونه بما ترويه كتب التاريخ من أن بثينة دخلت على أحد الأمراء وكانت قد هرمت فقال لها الأمير: أانت التي فتن بك جميل ؟
فردت: لو تراني بعينيه، لغيرت رأيك، ترامب يرى سورية رمالاً ودماءً، هكذا خلص إلى القول: رمال، نعم، دماء، نعم، كل حبة رمل فيها معطرة بدم حر أبي، رمال ميسون الكلبية التي جاء بها معاوية إلى حيث القصور والطرب والدفوف والرقص وغير ذلك، لكنها تركته وعادت إلى هذه الرمال وهي تردد: لبيت تخفق الأرواح فيه أحب إلي من قصر منيف، والحكاية معروفة، مشهورة، رمال بلادنا، غالية علينا، ليس نفطاً، ولا ذهباً، هي أغلى وأثمن وأنقى، أبقى وأكثر طهراً، هي من لون عيوننا، وحمرة دمنا، مرابعنا، ودياننا، كل حبة رمل، درعا واللاذقية وحلب والغوطة ودير الزور، والحسكة، وإدلب وكامل الجغرافيا السورية.
رمالنا، أنعم، أبهى من عواصم الضباب، لم تكن في يوم من الأيام إلا ميادين خير وعطاء، سورية وعشرة آلاف من العطاء ليست رمالاً، ولاهي دم وقتل، هي الحصن الذي رد عن العالم كله الكوارث، القنديل الذي يضيء الدروب وزيته دماء أبنائها عري السوريون ليستروا عري الحضارات كلها، جاعوا ليشبع الكثيرون، افتدوا الكون، ومنهم الفدائي الأول، والرمال في قاموسنا، في لغتنا في معانينا نبض، حياة، يحن على من يعبره مسالماً آمناً، ويشتد جمراً وناراً و وبرداً قارساً على من يأتيه غازياً، رمالنا كما قال بدوي الجبل:
و نضّر الرمل أشواقا و ريحانا
لو شاء نمنم هذا النجم قافية
و نغّم الفجر أحلاما و أوزانا
لو شاء أنزل بدر التمّ فاحتقلت
به الندامى سراجا في زوايانا
آه لو كان ترامب يعرف أبجدية الفكر، أو سمع بالمعري ( خفف الوطء ..) ولكن لماذا العتب على ترامب، وبيننا بعض من لايعرف كيف يصون من جعل الرمل مقدساً، من روى ترابنا طهراً وعبقاً، سورية ليست جغرافيا من تراب ورمل، ولاهي اليوم أو أمس، ولا تختزل بالعابرين من الخونة، وهم كل من باع واشترى، أو يمارس فساداً، سورية الحرف الذي وشم الدنيا بحبره لكن ياللهول، مالنا نترك رمالنا تسفوها رياح الإهمال، أتراه كان محمود درويش يقرأ اليوم والغد ؟:أرى في ما أرى النسيان، قد يفترس الأزهار و الدهشة
و الرمل هو الرمل، أرى عصرا من الرمل يغطينا
و يرمينا من الأيام.
ضاعت فكرتي و امرأتي ضاعت
و ضاع الرمل في الرمل.
البدايات أنا
و النهايات أنا
و الرمل جسم الشجر الآتي
غيوم تشبه البلدان.
لون واحد للبحر و النوم.
و للعشاق وجه واحد
… و سنعتاد على القرآن في تفسير ما يجري
سنرمي ألف نهر في مجاري الماء.
و الماضي هو الماضي، سيأتي في انتخابات المرايا
سيّد الأيّام .
سورية يشع رملها بالحنان، ويتصحر بالإهمال، وأشده ظلم ذوي القربى، فلا تكونوا رمال الربع الخالي، وبأيديكم فتكون الرمال رمالا

  ديب علي حسن
التاريخ: الجمعة 4-1-2019
الرقم: 16876

آخر الأخبار
انتهاء العملية العسكرية في الساحل ضد فلول النظام البائد..  ووزارة الدفاع تعلن خططها المستقبلية AP News : دول الجوار السوري تدعو إلى رفع العقوبات والمصالحة فيدان: محاولات لإخراج السياسة السورية عن مسارها عبر استفزاز متعمد  دول جوار سوريا تجتمع في عمان.. ما أهم الملفات الحاضرة؟ "مؤثر التطوعي".. 100 وجبة إفطار يومياً في قطنا الرئيس الشرع: لن يبقى سلاح منفلت والدولة ضامنة للسلم الأهلي الشيباني يؤكد بدء التخطيط للتخلص من بقايا "الكيميائي": تحقيق العدالة للضحايا هدوء حذر وعودة تدريجية لأسواق الصنمين The NewArab: الشرع يطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للانسحاب من جنوب سوريا "The Voice Of America": سوريا تتعهد بالتخلص من إرث الأسد في الأسلحة الكيماوية فيدان: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا استفزاز جامعة دمشق تختتم امتحانات الفصل الأول حين نطرح سؤالاً مبهماً على الصغار تكلفة فطور رمضان تصل إلى 300 ألف ليرة لوجبة متواضعة Anadolu Agenci : فورد: يجب على أميركا أن تسحب قواتها العسكرية من سوريا دوري أبطال أوروبا.. الكبار يقطعون نصف المشوار بنجاح "باب سريجة".. انخفاض في المبيعات على الرغم من الحركة الكثيفة مجلس الأمن الدولي: محاولات إقامة "سلطة حكم موازية" في السودان أمر خطير أبناؤنا واللامبالاة.. المرشدة النفسية السليمان لـ"الثورة": ضبط سلوكهم وتحمل المسؤولية منذ الصغر محافظ اللاذقية يتفقد فرع الهجرة والجوازات وأمانة السجل المدني