في زحمة التصريحات والإجراءات والقرارات التي ترشح عن حلقات النقاش الكثيرة والمتنوعة الاختصاصات والتي تبشر بنقلة نوعية في مستوى النتائج التي ستقطف ثمارها سورية خلال فترة قريبة خاصة مع امتلاك أصحاب القرار مفاتيح الحل والمعالجة لمختلف الملفات الاقتصادية والاستثمارية والمصرفية وحتى المعيشية.
لا تبدو أهم الأزمات الحياتية التي عادت وأطلت برأسها بكل جرأة وتحد واضح لأصحاب القرار أنفسهم في أولويات النتائج المنتظرة من كل تلك الوعود، ما يعني بطبيعة الحال دخول المواطن السوري مجدداً في دوامة السؤال الأكثر تداولاً في الشارع عن كيفية تأمين الغاز والمازوت وصولاً لربطة الخبز والانتهاء من حالة التقنين بالكهرباء.
إذا كان من الممكن للمواطن الذي واجه أشد وأكثر الصعوبات والتحديات المعيشية خلال السنوات الأخيرة وصبر وصمد أن يتفهم أيضاً أن حرب السنوات الثمان أفرزت تحديات كبيرة تعجز حكومات دول متقدمة عن مواجهتها وتجاوزها رغم قناعتنا أن كل هذه المبررات لم تعد مجدية أو مقنعة لأحد بالمرحلة الحالية حسب تأكيدات الأجهزة التنفيذية نفسها وفوق ذلك مطالبتها المسؤولين في كل مواقع القرار بالتمتع بالصفات القيادية أو الانسحاب من المسؤوليات التي أوكلت لهم.
كيف لنا أن نفهم العديد من الأهالي أن حليب طفلهم الرضيع الذي لا يستطيع الاستمرار من دونه يواجه هو الآخر أزمة فقدانه من الأسواق ليتصدر بدوره الحديث الأكثر تداولاً بين الآباء والأمهات الذين غالباً ما يجتمعون في إحدى الصيدليات أو المحال التجارية ولسان حالهم يقول معقول أن نصل لمرحلة لا نجد حليب أطفالنا رغم كل الكلام عن الحرص والدعم الحكومي للمواطن ولأبنائه جيل المستقبل.
نعم على غفلة أو بعلم من أصحاب القرار تفقد أهم مادة غذائية للأطفال الرضع دون أن تبادر أي جهة معنية بالموضوع لاستنفار طاقاتها وجهودها على أقله للقيام بإجراء إسعافي عاجل يضمن توفير المادة مهما كانت الصعوبات المعروفة مسبقاً والحاضرة دائماً لتبرير حالة التسيب والفلتان الحاصلة في أسواقنا ليترك الناس تحت رحمة تجار السوق وفي رأسهم هذه المرة بعض الصيادلة الذين بدؤوا المتاجرة بالكميات المتاحة لديهم من علب الحليب وبيعها لمعارفهم، وهم لم يصلوا لهذه المرحلة كما وصل قبلهم تجار المواد والسلع الغذائية وغيرها لولا تخلي الجهات المعنية عن دورها ومسؤولياتها تجاه الناس.
هناء ديب
التاريخ: الخميس 10-1-2019
الرقم: 16881