يبدو أن جولات المسؤولين الأميركيين في المنطقة لم تفلح في احتواء تداعيات قرار الرئيس ترامب بسحب قوات بلاده من سورية، فالأتراك الذين يدّعون أنهم من طلب من ترامب ذلك غير راضين عن الإجراءات التي ستتخذها القوات الأميركية خلال انسحابها، وموقف أردوغان شخصياً بدا في أشد حالات العداء لتصريحات وزير الدفاع الأميركي، فالأطماع التركية تنهار أمام تقدم الجيش العربي السوري في منبج والشمال وصولاً إلى كل نقطة سورية.
فالأيام القادمة تحمل معطيات تؤكد المضي قدماً في استعادة كامل الأراضي السورية التي يتواجد فيها الإرهابيون أو القوات الأجنبية الغازية من جانب مقابل فشل العدوان التركي ومشروعه التوسعي من جانب آخر، الأمر الذي يفسر هذا الهجوم التركي الكبير على تصريحات المسؤولين الأميركيين، فأردوغان يسعى لإدخال مجموعاته الإرهابية إلى مواقع جديدة، وخاصة تلك التي ستنسحب منها القوات الأميركية، وربما كان يأمل بتنسيق مع واشنطن يتم من خلاله إجراء عملية تسليم واستلام للمجموعات المسلحة المرتبطة بتركيا، ولكن يبدو أن للولايات المتحدة الأميركية حسابات لا تتطابق مع أطماع أنقرة، وخاصة فيما يتعلق بشأن حزب العمال الكردستاني وغيره من المرتزقة الذين عملوا تحت إشراف القوات الأميركية خلال السنوات الماضية.
المؤكد اليوم أن تعقيدات الحدث السوري تُوقع دول العدوان بتناقضات تجعلهم يتباعدون في مصالحهم وهو ما يفسر بعضاً من العلاقة التركية الأميركية في الوقت الراهن، ولن يطول الوقت حتى يزداد الخلاف اتساعاً مع تساقط المجموعات الإرهابية المسلحة وانتهاء بعضها من الوجود بعد الاقتتال الناشب بين تنظيماتها المختلفة تمهيداً لتنفيذ مشاريع عدوانية جديدة، تسعى أنقرة وحدها لرسم معالمها بعد فشل جميع مشاريعها السابقة.
البقعة الساخنة
مصطفى المقداد
التاريخ: الخميس 10-1-2019
رقم العدد : 16881

التالي