سرني أن أتابع مؤخراً تخصيص أكثر من ألف مكتتب على بيوت السكن الشبابي في توسع ضاحية قدسيا بدمشق، إذ أتيح لي أن أشاهد عن كثب تلك البيوت التي تمنينا أن تكون لكل الراغبين بها، فتحققت الأمنية وتم قبول كل المكتتبين، وقد سُميت شبابية لصغر مساحتها ما يلائم الأسر الشابة -العرائس-.
تفقدت عدة بيوت في الأبنية البرجية والطابقية فوجدتها جميلة وأنيقة وراقية ورأيت أن بعضها مسكون، ما يعني توفر الماء والكهرباء والصرف الصحي، أي ما هو أساسي من البنية التحتية للخدمات الأساسية والعمل جار على استكمال المرافق العامة من روضات ومدارس ومراكز صحية وثقافية وحدائق، مرافقي المهندس ودون أن يعرف مدى اهتمامي بالمساحات الخضراء والحدائق كان يتحدث بفخر عن كثير من المواقع المتروكة إما لإنجاز حدائق أو مروج وأشجار. ما يثلج الصدر فعلاً أننا أمام عمارة خضراء إلى حد كبير.
أخرت الحرب الضروس الجائرة على سورية إنجاز هذه البيوت وأدت بسبب نتائجها الاقتصادية وأبرزها – التضخم المالي- إلى ارتفاع أسعارها، لكن السعر الجديد يبقى رحيماً جداً بالمقارنة مع أسعار البيوت سواء في المدينة أم الريف، ولعل السبب يكمن في أن المؤسسة العامة للإسكان لا تربح بل تقدم خدمة اجتماعية وطنية للسوريين بتسهيلات في تسديد ثمن البيت من خلال قرض لمدة ٢٥ سنة تحصل عليه المؤسسة بضمانة البيت ذاته.
عرفت كل المحافظات السورية هذا النمط من السكن وبلغ عدد المساكن المكتتب عليها ٦٤ ألف مسكّن جرى إنجاز قسم مهم منها وتسارع الإنجاز والتخصيص والتسليم في الآونة الأخيرة، مع اتساع مساحة المناطق الآمنة وعودة كثير من المتعهدين للعمل. والسؤال الآن ما حال الأجيال الجديدة التي تتوق إلى مكرمة مماثلة، في هذه الظروف الصعبة اقتصادياً علماً أن القسط الشهري للبيت الشبابي الآن هو أقل بخمسين بالمئة من أجرة أي بيت شبابي في ضاحية قدسيا.
قد يكون القرض السكني أصعب أنواع القروض على الدولة التي تريد للمدخرات أن تذهب للمشاريع الإنتاجية الزراعية والصناعية، وهذا أمر صائب، لكنه لا يلغي أن السكن حاجة لا يمكن تجاهلها وضرورة لحياة البشر لتكوين أسرة والانخراط في الإنتاج.
فهل نشهد في القادم من الأيام الإعلان عن مشاريع سكنية حكومية قد تختلف في أشياء كثيرة لكن أسعارها بالمقارنة تبقى رحيمة. أعتقد أن هذا ممكن بالقياس على النجاحات الراهنة وحفاوة المكتتبين ببيوتهم الجديدة.
أروقة محلية
ميشيل خياط
التاريخ: الخميس 10-1-2019
رقم العدد : 16881